يتجاوبُ الحكم الأخلاقي على الشيء من نِطاقِ الفرد إلى نطاقِ المُجتمع، ينتقلُ من حدودِ العرف إلى حدودِ القانون كما ينتقلُ من فكر الإنسان إلى المُجتمع ويتفشّى. فإذا حملَ هذا الحكم الأخلاقيّ طعم الإيجابيّة، تتفشّى الأخلاقيّات في المجتمع؛ وفي المقابِلِ تنعدم الأخلاقيّات إذا حمل هذا الحكم الأخلاقيّ اللّون الأسود كما وطعم السّلبيّات
الإنسان هو نقيض نفسه، إذ إنَّهُ من الطّبيعي أن يتناقض المرء مع نفسِهِ، فكيف مع الآخرين؟ ولكن
نستنجُ من الكتبِ أنَّ الإختلاف ليس خلافاً
ولكن نستنجُ من أهمّ الكتّاب أنَّه من الممنوع أن ينبعَ التّخلّف عن الإختلاف… وإن غصنا في التّفاصيلِ وفي لبنان تحديداً، لبنان بلد التّنوّعات الفكريّة والدّينيّة والمذهبيّة والإجتماعيّة والسّياسيّة، لبنان البلد الصّغير الجامع للجميع من الشّمالِ إلى الجنوب ومن الشّرق إلى الغرب. في لبنان نفسه، نصطدِمُ من أخلاقيّات البعض الخارجة عن المألوفِ وخصوصاً في المواضيعِ السّياسيّة. على أرضِ الواقع، الدّيمقراطّية تعني بمشاركةِ الجميع ولبنان يتميّز بديمقراطيّته. فأيّ عقل يحدّ فكرة تمنّي الموت للآخر بمُجرَّدِ وُجود خلاف سياسي؟ أيّ عقل بشريّ بإمكانِه أن يحدّ فكرة التّنمّر على الآخر بمُجرَّدِ وُجود خلاف سياسيّ؟ أيّ عقل بشريّ بإمكانِه أن يحدّ فكرة تمنّي زرع قنبلة بين شريحة كبيرة من المجتمع بمُجرّد وجود خلاف أو رأي سياسي مُعاكِس؟ أيّ عقل بشري بإمكانِه أن يحدّ فكرة الوشاية والتّحريض على “إبن البلد”للخارجِ و”قطع مصدر عيشه” فقط لأنَّ آرائه السّياسيّة والفكريّة لا تتطابق مع آرائي؟
التّنمّر، الوشاية، التّحريض، الإفساد، الطّعن، القدح، الذّم، النّميمة، التّعيير، الدّسيسة، الشّتم، القتوة، المكيدة… للأسف إنّها القيم التّي تتحلّى بها شريحة كبيرة من مجتمعنا اليوم لسببٍ واحدٍ لا ثانٍ لهُ: الإختلاف. وهُنا نستوقف قليلاً ونُؤكِّدُ أنَّ كلّ هذه القيم السّلبيّة هي نقاط ضعف حتميّة وهزيمة فعليّة، نعم نقاط ضعف وهزيمة حتميّة وذلك لأنَّ القُوّة تتجسَّدُ بالنِّقاشِ والحوار والمُناظرة والمجادلة والمُحادثة الرّاقيّة
ولكن هل نستطيعُ أن نمضي بهذا النّهج؟ أهكذا تُبنى الأوطان؟ أبهذه القيم تنمى الأجيال الصّاعدة؟
فعلاً إنّها “آخرة الدّني” عندما يغلب الشّر على الخيرِ، ولكن تذكّروا يا أصحابَ الألسن السّوداء: حرفان يُفرِّقان الإختلاف والخِلاف…وبين هذين الحرفين بحر من الأخلاقِ والقيم، مصير أولاد بلد واحد… وتذكّروا: تبقى الأخلاق دائماً سيدّة العلاقات…ومن لهُ أذنان فليسمع جيّداً