على مائدةِ مطبخِ مجلس النّواب الجديد، أطباق عديدة قُدِّمت في الأمسِ لمناقشةِ موازنة العام الماضي
زينةُ المائدة كانَ طبقُ الشّعبوّيات والمزايدات، أضافَ عليه النّواب الشّعبويّون “الملح والبهار” فأصبحَ صورة طبق الأصل عنهم. أمّا الطّبق الأساسي وهو كناية عن مزيجٍ بين القانون، الدّستور، السّياسة، الإصلاح والموازنة قدَّمهُ القليل القليل من النّواب “الجدّيّين
كوصالٍ بعد الإنفصال، يزورُ بعد أيّام قليلة وفد من صندوقِ النّقدِ الدّولي، لبنان، فماذا سيكون تعليقهم على نتيجةِ موازنة العام الماضي؟
وفي هذا السِّياق، قدَّمت وزارة المال سيناريوهات عديدة لأسعارِ الصّرف ما بين ١٢ ألف و١٤ ألف و١٦ ألف التّي لن تؤمِّن بأيِّ شكلٍ من الأشكالِ الواردات المطلوبة لتغطيةِ الرّواتب والأجور والمساهمات المخصصّة للرّواتب والأجور والمنافع الإجتماعيّة وخدمة الدّين
إنَّ اللّبيبَ من الإشارةِ يفهم: شبه واردات ما يعني فقدان التّوازن في الموازنة
فمن يتحمَّلُ إذاً المسؤوليّة؟ على عاتقِ من تقع هذه المسؤوليّة؟ بمختصرٍ مفيدٍ، على الحكومةِ كما على مصرفِ لبنان عدم هروبهمها من المسؤوليّة
وعلى نفسِ الموجةِ، تنصُّ المادّة ٨٧ من الدّستور اللّبناني على ما يلي: “إنَّ حسابات الإدارة الماليّة النِّهائيّة لكلِّ سنة يجب أن تُعرَض على المجلسِ ليُوافِق عليها قبلَ نشر موازنة السّنة التّالية التّي تلي تلكَ السّنة وسيوضع قانون خاص لتشكيلِ ديوان المحاسبة
بالتّالي، كيف لديوانِ المحاسبة ألّا يصدر أحكامه حول الحسابات الماليّة؟
أمّا على الصّعيدِ الحكومي، فالحكومة الحاليّة هي حكومة مُستقيلة كونها أوّلاً لم تَنَل ثقة المجلس النّيابي الجديد وثانياً بحسب الفقرة الثّانية من المادّة ٦٤ من الدّستور “لا تُمارِسُ صلاحيّاتها إلّا بالمعنى الضّيِّق لتصرفِ الأعمال
فالرّئيس المُكلَّف نجيب ميقاتي “عامِل شغلته وعملته” في الآونةِ الأخيرةِ تأكيد صلاحيّة حكومته المُستقيلة لإناطها بصلاحيّات رئيس الجمهوريّة عند إنتهاء ولايته وفي حال عدم إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّةِ اللّبنانيّة، أي لملىء الفراغ الرِّئاسي بعد ٣١ تشرين الأوّل
إهتمام ميقاتي بالبحثِ عن اجتهاداتٍ وقوانينٍ لكي ترث حكومته المستقيلة صلاحيّات رئيس الجمهوريّة أكبر بكثيرٍ من اهتماماته وسعيه لتأليفِ حكومة أصيلة تتمتّعُ بكاملِ الصّلاحيّات بقوّةِ القانون والدّستور بالتّالي غير مطعون بدُستوريّتها التّي يُمكن أن “ترث” صلاحيّات رئيس الجمهوريّة في حال حصول الفراغ
هل بسحرِ ساحِرٍ سيحترمُ ميقاتي المعايير المهمّة بمحاولةٍ لتأليفِ الحكومة: الدّستور أي إحترام صلاحيّة وموقع رئيس الجمهوريّة بالتّأليف والميثاق أو سنُطبِّقُ القول “كم هو عجيب نجيب”؟
الأيّام القليلة كفيلة بحدِّ ذاتها للإجابةِ حول كلّ هذه الأسئلة المطروحة، والأهمّ، إنَّ على عاتِقِ ميقاتي مسؤوليّة ذات الأهميّة الوطنيّة والسّياسيّة والدّستوريّة والقانونيّة.. ولا حول ولا قوّة إذا تعسّرت أمور ميقاتي