لم يفاجئنا كلام رئيس تيار المردة يوم الاثنين الفائت بمؤتمره الصحفي الذي أقل ما يقال فيه أنه ضعيفُ الشكلِ والمضمون.
أراد سليمان فرنجية بكلامه أن يصوّب سهام حقده على العهد بشخص رئيس البلاد، فتناسى مشاركته بجميع الحكومات المتعاقبة من ١٩٩٠ إلى ٢٠٠٥، ومسؤولية هذه الحكومات في التدهور الإقتصادي الحاد الذي وصلنا اليه، فجُنّ جنون فرنجية عندما فُتِح ملف مافيا الفيول، وتبيّن تورّط أصدقاء الطفولة ريمون رحمة وسركيس حليس. فأعلن مجاهرًا عن قيام مخيّم بنشعي للفارّين من العدالة مهاجمًا القضاء ضاربًا بعرض الحائط جميع القواعد والأصول. وبسبب شدة انفعاله لم يدرك فرنجية أنّ سهامه التي أراد بها أن تؤذي خصومه أصابته شخصيًا، فعادت به إلى إقطاعي ورئيس ميليشا بعيدًا كل البعد من أن يكون مرشحٌ رئاسي.
وبعد أن طالعنا سابقاً بسلسلةِ مواقف موثّقة بتغريداتٍ على صفحته تحدّث فيها عن أهمية الثروة النفطية ومردودها على الوطن وأجياله الطالعة، يتباهى اليوم فرنجية في مؤتمره معلناً عن عدم وجود نفط وغاز وكأنّ بهذا انتصار للبيك الصغير، فاتّهم التيّار بالكذب على الناس عدا أنه نسي أو تناسى طلب جدّه الرئيس الأسبق سليمان فرنجية من مدير منشئات النفط سنة ١٩٧٥ بإطلاق المناقصات للتنقيب عن النفط. إن جهل البيك الصغير بملفٍ ذات أهمية وطنية كالنفط والغاز ومقاربته للأمور وتضليله للواقع بإطلاق إستنتاجات شخصية وإثارة إشاعة في البلاد يجعل منه شخصًا غير مؤهلًا لرئاسة البلاد.
ربما غاب عن البيك سهواً أو قصراً الدراسات التي أُجرِيَت في ثلاثينات القرن الماضي والتي أكّدت وجود ثروة نفطية في مياه لبنان الإقليمية، لذا وبلمحة سريعة نسرد بعض التواريخ علّ البيك يدرك أن النفط والغاز مش للعوني بل للبنان بجميع أبنائه. في العام ١٩٢٦ أصدر المفوض السامي هنري دو جوڤينال مرسوماً أجاز فيه التنقيب عن النفط و الغاز، وكانت المحاولة الأولى للاستخراج قد قامت بها شركة نفط العراق عام ١٩٤٦ من بعدها قامت شركة إيطالية في العام ١٩٦٣ بحفر بئرين في سحمر وتل الذنوب البقاعيتين وعبرين البترونية وقد صُرف النظر عن متابعة التنقيب جراء ضغوطات خارجية. وقد أدَى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية دون استكمال الشركة مهامها وذلك في عهد سليمان فرنجية الجدّ، و في العام ٢٠١٠ وعند استلام الوزير باسيل وزارة الطاقة قامت الوزارة وبالتعاون مع شركتي PGS و SPECTRUM الناروجيتين ودون أي كلفة على خزينة الدولة بمسح ثلاثيّ الأبعاد وأكدت وجود مؤشرات للغاز والنفط على طول الشاطئ اللبناني، ونسبة احتمال الحصول على مكمن غاز من المحاولة الأولى تبلغ ٢٢٪ أي انّ بئر واحد بين كل أربعة آبار محفورة قد تحتوي على كمية تجارية من الغاز. وفي سياقٍ محاذٍ لم تخفِ إسرئيل يومًا اطماعها من ثروتنا النفطية عمومًا والغاز الجنوبي خصوصًا بحقلَي ٩ و ١٠ وهي التي اعتادت اغتصاب أرضنا من حجر وبشر وثرواتٍ طبيعية، ها هو اليوم البيك يهدي العدو الصهيوني ما لم يجرؤ عليه أي عميل.
ها هو اليوم المرشح الرئاسي يطلق شائعة عن إنسحاب شركة توتال الفرنسية بتصريح يناقضه تقرير شركة توتال الرسمي والتي تؤكّد فيه وجود غاز ولكن غير تجاري وهي تعمل على تحليل العينات التي ستظهر نتائجها بعد ٦٠ يوما وتتوجه اليوم الى بلوك رقم ٩ لحفر بئر جديد بحسب الاتفاقية مع وزارة الطاقة. وها هو فرنجية يطبّق المثل القائل: من مدحَ وذمَّ قد كذب مرتين، فهل باع سليمان فرنجية نفط وغاز لبنان كرسالة للأمريكيين تمهيدًا للمعركة الرئاسية وأحقيته في كرسي بعبدا؟
PIA zaklit