كلمة النائب جبران باسيل حول محاربة منظومة الفساد والوضع المالي والإقتصادي

2065

I – مقدّمة:

– الوقاية من الكورونا فرضت علينا نمط جديد بالتواصل؛ تغيّر الأسلوب، ولكن ما تغيّر الواجب، التيّار عم يشتغل كمؤسسة بكل هيئاته، وانا واجبي اتواصل معكم لأخذ المواقف وتوضيح الأمور.

– (نحنا معنيين بمعالجة قضايا الناس، تهمّنا القضايا وليس الأشخاص.

لسنا بصراع شخصي مع أحد، لكن نحنا بصراع مع ملفّات كلّفت اللبنانيين غالي ولن نتراجع عنها.)

– همّ التيّار الوحيد هو انقاذ الوطن، ولا مستقبل للبنان مع الفساد. نحن مستعدّين لأي تضحيّة (وهذه الحكومة الأخيرة أكبر مثال بعدم مشاركتنا فيها مع اعطائها الثقة)، ومستعدين لأي خطوة تجاه الآخرين لإنقاذ البلد (والتسوية الرئاسية أكبر برهان أننا تصالحنا مع الآخر ولكن رفضنا ان نتصالح مع الفساد ومن هنا جنونهم ضدّنا).

– نحن مستعدّين لأي خطوة تفاهميّة لتحصين الإنقاذ، الاّ اذا رفض الآخر لأنّه يراهن خاطئاً اننا بموقف ضعف وسيجعلنا نسقط. اذاً هو كالعادة يقرأ خطأ، ولا يرى في هذه الأزمة الاّ فرصة لانهيار التيّار الوطني الحرّ والعهد ولو انهار البلد.

بينما نحن نرى في الأزمة فرصة لتصحيح كل ما لم يتمّ تصحيحه على مدى ثلاثين سنة لناحية النقد والمال والاقتصاد والفساد والطائفية.

رئيس الجمهورية في لبنان لا يسقط، الاّ اذا هو اراد ان يستقيل واكيد مش الجنرال عون؛ لكن اذا تحقّقت الفرصة سيخرج أقوى مّما دخل ولذلك فهم لا يريدون لهذه الفرصة ان تتحقّق ويتمنون الانهيار.

امّا التيّار فهو تيّار شعب له قضية، لا ينتهي الاّ اذا انتهى الشعب، وشعبنا سيواجه كل الصعاب وينتصرعليها مهما قست؛ والتيّار سيبقى قوياً في طليعة شعبه يواجه الكورونا كما رأيتموه، يواجه الفساد كما دائماً، يواجه الأزمات وينتصر عليها ولو طالت.

الوطن يستأهل كل جهد ونحن دوماً جاهزين لـ:

1 – تحسين العلاقة مع أي طرف خارجي اذا هذا يساعد لبنان على النهوض ولا يمسّ بسيادتنا.

2 – التفاهم الوطني أو التلاقي الموضعي مع أي طرف داخلي اذا هذا يساعد لبنان على النهوض ولا يمسّ بمبادئنا.

3 – الوحدة حول أي فكرة (كيانيّة) مع أي طرف في مجتمعنا المسيحي  اذا هذا يساعد لبنان على النهوض ويساعد مجتمعنا على الصمود  ولا يمسّ بتنوّعنا ووحدتنا الوطنية.

وانا بهالمجال أدعو سيّدنا البطريرك الراعي، وفي سياق مبادرته الكنسية بخلق شبكة للحدّ من العوز، أدعوه الى دعوتنا للعمل معاً في إطار خطة طوارئ لمواجهة الانهيار تقودها الكنيسة ونحن حاضرين لأي لقاء أو جهد مشترك(كما كنا لبينّا سابقاً ولو رفض الآخرون)، وذلك للحفاظ على المدرسة والجامعة والمستشفى والمصرف والقطاع الخاص (والعام) وعلى الأرض وعلى الهويّة وعلى الثقافة وعلى الوجود وعلى الكيان وعلى الوطن.  لا حدود لما يمكن ان نقدّمه ولو على حسابنا وعلى المستوى الشخصي والعام.

– الخطة الاقتصادية المالية: II

نحنا اصحاب طروحات متكاملة وكلّ يوم نقدّم حلول لأزمات لبنان ولا نبحث عن التخريب، كغيرنا. وعطول نقدّم الحلول بأوراق وآخرها كان بلقاء بعبدا، تقدّمنا بورقة موضوعيّة فيها نقاط القوة والضعف بخطة الحكومة الإصلاحية، دعمنا ما اقنتعنا به وانتقدنا ما لم يقنعنا. وبالمناسبة اوراقنا هي وليدة عمل يقوم به فريق كبير متخصّص من خبراء المال والاقتصاد، يفتخر التيّار بهم ونشكرهم على عملهم المجاني والمتفاني.

الورقة اخذت صداها عند أصحاب الشأن الداخلي والدولي ولكن ليس في الرأي العام ومن هنا أحب الإضاءة على بعض العناوين الضروريّة :

1 – هناك نقاط قوّة عديدة منها اعتراف رسمي لأوّل مرة بالخسائر (وهنا أريد أن نطلّع الناس من كذبة أن ودائعهم محفوظة والحقيقة ان قسم منها راح وعلى الدولة العمل على اعادة تكوينها واستعادتها)، ومنها ايضاً الجرأة بالقيام بإصلاحات بنيويّة حقيقية، والجرأة بالذهاب الى صندوق النقد الدولي دون عقد، والجرأة بكسر المحرّمات كاستعادة الأموال المنهوبة واعادة هيكلة الدين وكسر مسلسل الاستدانة مع كلفة عالية جداً ووقف سياسة الفوائد المرتفعة التي تكلّف الدولة والقطاع الخاص وتكربج الاقتصاد (وهنا ادعو الى تصفير الفوائد على القطاعات المنتجة او اقلّه اقرار القانون الذي تقدّم به التكتل حول ضبط الفوائد)  ووقف سياسة تثبيت سعر الصرف بكلفة عالية (وأنا هنا أدعو الى وقف هذه الكذبة واعتماد سعر موحّد وحقيقي للصرف مع شكوانا من التضخّم الحاصل بالأسعار وعلى الحكومة ان تضبطه وتحدّ من خسائر الناس وفرض سعر صرف واحد على  الصيارفة وسجن من يلعبون بالسوق السوداء، والتعويض، ولو جزئياً، على الموظفين الذين يخسرون من هذا السعر الجديد). بدّنا نخلص من سياسة التسعينات التي أمنوا فيها ضمانتين بفوائد عالية وتثبيت الليرة على حساب الدولة ولصالح كبار المودعين.

2 – هناك منحى بكائي انكماشي بالخطة بدل ان يكون انفلاشي استثماري يشجّع على بيئة الأعمال دون فرض ضرائب جديدة. صحيح ان تحدّد الخسائر، ولكن لا أن تصفى المصارف والاقتصاد والبلد. الخسائر ليس ضروري تسكيرها فوراً ولكن تدريجياً بإعادة تحريك الدورة الاقتصادية لإعادة تكوين الرساميل.

لا لسياسة تخسير المصارف كل شيء من موجوداتها لأنه بذلك تخسر الناس ايداعاتها والتعويض يصبح صعب واعادة قيام المصارف يصبح أصعب، بل المطلوب تسجيل خسائر كبيرة عليها وأخذ أرباحها والفوائد التي استفادت منها وخفض الديون العائدة لها بشكل جذري او استبدالها بفوائد منخفضة على آجال طويلة جداً، ممّا يجبرها على اعادة الرسملة والدمج بين بعضها دون ان تفرض الدولة عليها ذلك فرضاً بل تحدّد لها فقط المعايير اللازمة.

انتبهوا نحن بلد الحريّات! ويقوم لبنان على نظام اقتصادي حرّ

فكما حريّة المعتقد والفكر والتعبير والتنقل، كذلك حريّة الاقتصاد لا يجوز المس بها فهي أساس بوطننا.

3 – بموضوع توزيع الخسائر حكينا عن “توزيع عادل” حسب 3 معايير: المسؤولية الاستفادة والحجم. ويكون التوزيع بالأولوية على 1 – الفاسدين 2 – المستفيدين 3 – المصارف 4- المصرف المركزي    و 5 – الدولة (بسياساتها ورجالاتها وليس بأصولها واملاكها).

الدولة هي صاحبة المسؤولية الأولى لأنها سمحت او تورّطت برجالاتها ولذلك عليها ان تساهم دون أن تخسر موجوداتها للأجيال القادمة. نحن نرفض الاقتطاع من أموال المودعين، ولكن لا يمكن ذلك حسابياً اذا لم نستعمل موجودات الدولة دون خسارتها.

كيف؟ الدولة تسدّ الفجوة الكبيرة من خلال ادخال اصولها القابلة للتصرّف والاستثمار في صندوق سيادي ائتماني استثماري. هكذا تسكّر الخسارة ويُفتتح الباب للاكتتاب أمام المودعين والمصارف بأسهم محدّدة بأرباح صغيرة، وأمام المستثمرين والمنتشرين بالأولوية، بأسهم محدّدة بأرباح كبيرة. هذا الأمر يبقي الأصول تحت سيادة الدولة وتحت ادارة القطاع الخاص بالشراكة مع القطاع العام، ويؤمّن إدخال الأموال والسيولة الى السوق، ويفتح بورصة بيروت ويوفّر خدمة جيّدة للمواطنين في كل قطاعات الدولة ويؤمّن العدالة والمساواة بين المواطنين في الكهرباء والمياه والاتصالات والمواصلات والنفايات والنقل وو…  

هكذا ننشئ سكك حديد داخلية ومع الخارج في سوريا والعراق والأردن،

وهكذا ننشئ معامل الكهرباء، ونفتح مطار رياق وحامات والقليعات، وننشئ مرفأ جونية السياحي ونطوّر المرافئ التجاريّة، وهكذا نمضي بمشروعي لينور واليسار، ماذا يمنعنا مثلاً ان نجمّل الشاطئ ونردم حيث يلزم وننشئ شبه جزر سياحية ونبيع الأراضي بالمليارات لصالح الدولة.

 المهمّ ان الدولة لا تقتطع جبراً من ودائع الناس والاّ لولد الولد سيحفظ اللبنانيون ان لا يضعوا اموالهم في المصرف وينهار للأبد قطاعنا المصرفي الذي هو احد اعمدة اقتصادنا؛ بل تترك الخيار للناس بين عدة أمور: – اقتطاع من الفوائد المتراكمة – تحويل الأموال الى الليرة مع فوائد عالية – تجميد الحسابات بالدولار لفترة طويلة بفوائد منخفضة – الاكتتاب في اسهم المصارف Bail in – الاكتتاب في الصندوق السيادي – اخضاعهم لضريبة على الثروة ًWealth Tax او ضريبة واحدة كبيرة Wind fall Tax…).

– الشق الأخير في هذا المحور أريد أن اتكلّم عن الاقتصاد وتحويله الى منتج، وانشا الله الحكومة ووزير الاقتصاد يبدأوا سريعاً بتطبيق عملاني لخطة ماكينزي ونحن ننتظر منهم اجراءات وقرارت وقوانين في الزراعة والصناعة والسياحة واقتصاد المعرفة وتسهيل التصدير، وضبط الاستيراد ومداخيله بالجمارك.

وهنا افتح هلالين لأقول أن الإجراءات المطلوبة اصبحت معروفة، وأن حجّة عدم القدرة على ضبط المعابر يسوّقها من هو متواطئ فيها من أجهزة أمنية وقوى أمر واقع والأجهزة القضائية المعنيّة تعرف هذا الأمر ولا تقوم بواجباتها.

على الحكومة أن تأخذ هذه الإجراءات فوراً دون أعذار، او الغاء الجمارك وتعويضه بضريبة استهلاك او TVA .

هناك امور يصعب ضبطها عندما يصبح فارق الأسعار كبير بين بلدين متجاورين مثل قضية المازوت مؤخراً الذي يسبّب تهريبه الى سوريا ضرر كبير باحتياط الدولار ويؤدّي الى انقطاع المادة في السوق المحلّي. اذا الحكومة عاجزة عن ضبط التهريب، فلترفع السعر بما انّه منخفض  جداً وتؤمّن مداخيل لها وتترك كوتا لأصحاب المولّدات والمصانع لعدم رفع الأسعار على الناس (أقول هذا وأنا من الغى سابقاً الضريبة على المازوت لأن الأسعار كانت مرتفعة وكان التهريب معاكس).

بالعودة الى الاقتصاد المنتج، بانتظار الدولة علينا نحن كشعب ان نغيّر نمط حياتنا وننتقل افرادياً الى الانتاج بالزراعة الفرديّة والصناعات الخفيفة والسياحة الداخلية.

وهذا يعيدنا الى الأرض وانا كنت بدأت عام 2019 بتجربة ناجحة في بترونيات للمونة اللبنانية يمكن تعميمها. تعذّبت حتّى نجحت ولكن الناس اليوم متعاونة اكثر بكثير.

مثلاً في شهر نيسان فقط، ضمن مبادرة “أمنك الغذائي أمّنوا”، قمنا في جمعية LNE بتوزيع ما يزيد عن عشرين الف حصة زراعية وشتول على على اكثر من 17,500 عيلة لبنانية، ساهمت بزيادة المساحات المزروعة فردياً بحوالي 2,5 مليون متر مربّع.

تجاوب الناس لزراعة أرضهم يدلّ على وعي كبير للمساهمة بعملية الإنقاذ الاقتصادي؛ ونحنا اليوم بالمرحلة الثانية من المبادرة متوجهين لمساعدة المزارعين بمواسم القطاف وخلق فرص موسمية للشباب، والمساهمة بتصريف المحاصيل للمنتجات اللبنانية محلياً (كما عملنا للخارج) عبر فتح تعاونيّات وأسواق شعبية، وكذلك الدخول مع البلديات بمشاريع شراكة لزراعة الأراضي المتروكة، وهنا نجدّد دعوتنا للكنيسة بوضع أراضيها بتصرّف المزارعين؛ كذلك مطلوب إنتاج البذور والشتول بدل استيرادها.

مبادرات كثيرة ممكن القيام بها وإشراك المنتشرين فيها، مثلاً قيام مبادرة عبر LDE لإنشاء خطوط ائتمان مصرفيّة بكفالة المقتدرين من لبنانيي الانتشار لتمويل استيراد المواد الأولية التي تحتاجها الصناعات اللبنانية التصديرية، على ان يسترد المنتشرون كفالاتهم بعد التصدير.

لا بدّ من خلق شراكة بين لبنان المقيم والمنتشر، دون الشحادة منهم ولكن بإعطائهم الضمانات والأرباح اللازمة…

III– الفساد

بدّي احكي عن الفساد كجزء أساسي من استعادة الثقة بالدولة من قبل اللبنانيين والمجتمع الدولي، وأنا قلت أن الناس لن تقبل بالتضحيّة وبأن تتوجّع إن لم يتوجّع قبلهم الفاسدين بارتكاباتهم والسياسيين بمصالحهم.

أنا أتكلّم بهذا الموضوع لأن الفساد أكل مؤسسات الدولة والماليّة العامة وودائع الناس وجنى العمر. كيف ممكن نسكت ولا نتصدّى؟ أتكلم ليس لأفتح مشكل سياسي مع أحد، ولكن شو بعمل اذا هم اعتبروا أنفسهم معنيين وهاجموا للدفاع؟ واحد يقول لك بدّو يقتل الطايفة فيحتمي فيها ويحرّضها وآخر يقول لك بدّو يخنق الزعامة وآخر يقول بدّو يحبسنا! مين اقترب منهم؟! ولكن يبدو أنّهم عارفين أنفسهم ويردّون! نعرف كم تكلّفنا من اغتيال سياسي وغيره! ولكن لن نستكين! المواجهة ليست مع مجهول، بل مع منظومة سياسية. الفساد في لبنان منظّم ومحمي من منظومة أقوى منّا تحكّمت بالقرار والمقدّرات، أقوى منّا ولذلك لم نتغلّب عليها بعد، ولذلك نحن بحاجة للناس لنتغلّب عليها.

نادينا الناس على مدى 15 سنة من 90 الى 2005 للسيادة وردّوا علينا في النهاية بـ 14 آذار وتغلّب لبنان على الوصاية، ولكن قسم منهم رجع انقلب علينا واتّهمنا بالتبعيّة وبالآخر تبيّن للجميع أننا ندفع غالباً ثمن استقلاليّتنا وعدم ارتباط قرارنا بأي سفارة او نظام او دولة في الخارج.

وهكذا ايضاً نادينا الناس على مدى 15 سنة من 2005 الى اليوم للفساد، وردّوا علينا في النهاية بـ 17 تشرين وانتفض القسم الأكبر منهم بحقّ نتيجة ظلمهم من الدولة، وانتفض القسم الأصغر منهم علينا ومارسوا الظلم علينا باتّهامهم لنا بالفساد!

نحنا مكمّلين بمعركتنا، ولا بدّ ان يتجاوب الجميع! ومن باب الحرص على تجاوبهم اسألهم اين هم اليوم صامتين متفرّجين على المعركة القائمة بموضوع الأموال المهربّة، والفيول المغشوش، والمرفأ، والكازينو، والميكانيك، والقروض المدعومة المعطاة للميسورين لشراء الشقق الفخمة وغيره وغيره… كلّها ملفات أوصلها التيّار للقضاء وبدأت المحاكمات فيها ولذلك تشتد الحرب علينا. وسوف يعرض عليكم قريباً نوابنا جورج عطا الله وزياد اسود ولجنة الفساد جردة بالملفات التي تقدّمنا بها ونتابعها بالقضاء.

نحنا بمعركتنا بالفساد ننتهج 3 مسالك: 1 القوانين 2 – القضاء     3  – الناس ومكاشفتهم ليتحرّكوا.

سأتكلّم اليوم عن 3 أمور بموضوع الفساد: 1 – القوانين                2 – الأموال المهربّة و 3 – الفيول.

1 – القوانين:

نحنا تقدّمنا برزمة قوانين لمكافحة الفساد. نحن أمام أسبوع مهمّ باللجنة النيابية الفرعيّة التي يترأسها النائب كنعان لإقرار القوانين المتبقيّة وعل رأسها قانون المحكمة الخاصة بالجرائم المالية، والأهم منها قانون استعادة الأموال المنهوبة والأهم من الإثنين قانون كشف الحسابات والأملاك. لن اكرّر ما قلته سابقاً، ولكن هذا القانون سيظهر الجديّة في المجلس النيابي لكشف المتورّطين بسرعة كبيرة وفصلهم عن الأوادم بين كل متعاطي الشأن العام واستعادة الأموال منهم. خلّوا عيونكم يا لبنانيين على قانون كشف الحسابات والأملاك لكل القائمين بخدمة عامة من رؤساء ووزراء ونواب وموظفين من كل الرتب والاسلاك وذلك عبر هيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان، وإحالة كل من يظهر لديه فوارق، مالية وعقارية بكبسة زر، من وقت دخوله الى الخدمة العامة الى الآن، احالته الى التحقيق والى المحاكمة اذا ظهر ارتكابه.

2 – الأموال المحوّلة

قضية الأموال المحوّلة الى الخارج سنة 2019 وخاصة بعد 17 تشرين، حرمت اللبنانيين غير المحظيين من الحصول على جزء من ودائعهم لأن كان هناك استنسابية من أصحاب المصارف (ومصرف لبنان) واستعمال نفوذ من قبلهم لتهريب أموالهم دون غيرهم. وعلى ذلك نحن وجهّنا كتاب لحاكم مصرف لبنان دون جواب مقنع، وطالبنا بلجنة تحقيق برلمانية دون استجابة، ونزلنا الى الشارع أمام مصرف لبنان وأمام المتحف حيث كشفنا بعض الأرقام والصفات بهلع من اصحابها، وقدّمنا اخبار الى مدّعي عام التمييز للتحرّك دون نتيجة حتى الآن (سوى جواب من الحاكم ان الاجابة بالاسماء والأرقام ستعتبر عمل سياسي لصالح فريق على آخر)؛ وعليه تقدّمنا أخيراً بقانون لاستعادة هذه الأموال لأنّ تحويلها بشكل استنسابي دون مساواة بين المودعين هو عمل غير شرعي ويجب تسويته باستعادة هذه الأموال الى الاحتياطي النقدي للبلد لاستمرارية تأمين لحاجاته الأساسية؛ وقد قام عشرة نواب من التكتل بتوقيع القانون ويقوم بتقديمه النائب جورج عطالله الى المجلس النيابي لنرى مَن مِن النواب والكتل سيسير به. هذا يخصّ الماضي ولكن النزف من الاحتياطي لا زال قائماً، ويجب وقفه، من هنا وجوب اقرار قانون للـ Capital Control نتعاون مع الرئيس برّي على دراسته ليكون محصوراً فقط بمنع التحاويل الى الخارج مع الاستثناءات الضرورية.

3 – الفيول المغشوش

سأبسّط الموضوع؛ هناك جرمين: جرم سياسي وجرم جنائي وبالاثنين التيّار الوطني هو من كشف وواجه، ومهما فعلتم وكذبتهم لن تستطيعوا تحويل الموضوع ضدّنا او تعميم التهمة على الجميع.

اولاً الجرم السياسي هو أنّ هناك عقد وقّع سنة 2005 قبل استلامنا، ولكن بعد استلامنا تبيّن لنا انّه يمكننا تحسين الأسعار والشروط وهكذا فعلنا على عدذة مرّات حتى وصل مجموع التخفيضات المباشرة مع شركة Sonatrack فقط 65 مليون دولار عن كل سنة.

كذلك طلعت أنا عام 2011 الى مجلس الوزراء بكتاب اطلب فيه تحسين الشروط، واجراء مناقصة جديدة، ورُفض طلب وزارائنا 3 مرّات في 12 جلسة لمجلس الوزراء في الاعوام 2011، و 2014 و 2017 (أي عند كل مرّة ينتهي فيها العقد) مرّة بمواقف سياسية واضحة (خاصة من تيّار المستقبل وسحبه) ومرّة بالتصويت ولم يقف معنا أحد!

اذاً هناك مسؤوليّة سياسية على من سكت ومسؤوليّة أكبر على من حاربنا ومنعنا من إجراء مناقصة جديدة لعقود كان مرّ عليها 12 سنة وهؤلاء هم سياسيين وموظفين.

يجب محاسبة المستفيدين، وهنا تنطبق عليهم قضية استعادة الأموال المنهوبة او الموهوبة (للمتعهد لاعادة دفعها لهم من باب ثاني).

ثانياً الجرم الجنائي، وهو أنّه تبيّن أن هناك قضية فيول خرّب المعامل بعهد الوزيرة بستاني التي كانت طلبت تقرير من شركة كهرباء فرنسا EDF، وتبيّن بالتقرير ان السبب الفيول، فلاحقت الموضوع حتى بعد خروجها من الوزارة وكشفته واوصلته للقضاء، وعندما حاولوا لملمة القضيّة، قدّم التيّار الوطني الحرّ إخبار الى القضاء، وبدأت التحقيقات والإجراءات.

هنا يجب التمييز بين فيول خارج المواصفات وهذا يحصل وهناك اجراءات منصوص عنها في العقد للتعويض على الدولة ويجب اتّباعها خاصة اذا الأمر غير مقصود. امّا ما نحن بصدده فهو فيول مغشوش، أي ان هناك تزوير امّا بنتائج المختبر او بالعيّنات المقدّمة. وهذا الأمر يرتبط عندها برشاوى لتغيير النتائج أي التزوير، وهنا يتحمّل مسؤولية جنائيّة كل متورّط بالأمر أكان راشي او مرتشي وأكثر اذا كان مزوّراً؛ وهذه القضية تذهب أيضاً الى وجوب استعادة الأموال المنهوبة التي يكون قد حصّلها من استفاد أكان شركة او فرد او موظّف. كل أمر خارج هذا السياق هو لإضاعة الرأي العام والتحقيق واخذنا الى متفرّعات لإضاعة القضية الأمّ، (ممكن الذهاب اليها ولكن دون نسيان الاوتوستراد لصالح الزاروب. والاوتوستراد هو خطّين واحد لتجديد العقود وآخر لتزوير الفحوصات).

نحن من جهّتنا سنتابع هذه القضية للنهاية،

وأوّل امر يجب ان يتحقّق، بمعزل عن التحقيق ونتائجه والمحاكمة، هو قرار من الحكومة بعدم تجديد العقود عند استحقاقها في هذا العام وإجراء مناقصة جديدة، ومنع تقديم الشركات المتورّطةورفض أي ذريعة من فريق سياسي أو من ادارة المناقصات لعدم اجرائها أو تأخيرها.  

ثاني أمر، يجب السير بالاجراءات القضائيّة حتى النهاية لتنكشف حقيقة ما كان يحصل ومتى كان يحصل ومن المسؤولين عنه ومعاقبتهم. نحن لا نغطّي فاسد او مرتكب او مشتبه به ولو ظلم بسمعته، ولكن بالتأكيد لا نسمح بتمادي الظلم والافتراء على كرامات الناس وتضييع المسؤوليّات. نحن لا نغطّي أحد، ولا نهرّب أحد ولا نخبّي أحد ولا عندنا شمسيّات حماية لأي مرتكب، ولكن لا نقبل الافتراء على بريء ولا منقصّر بالدفاع عن أصحاب الحق أكانوا معنا او ضدّنا بالسياسة. القضية ليست قضيّة ساعات اضافيّة ولا هي قضيّة هديّة على عيد الميلاد، القضيّة هي رشاوى لتحقيق فعل التزوير واذا ثبتت لا نغطّي أي احد أخذها. والقضية ليست قضيّة مساعدة ماديّة لفريق سياسي، نعلم أن الأحزاب تتموّل من متموّلين وأصدقاء ومناصرين، ولكن ليس مقابل استفادة لهم او غش على حساب الدولة، وكلّنا نعرف الفرق بين الاثنين.

ما حدا يضيّع الموضوع والجهاز الأمني الذي يحاول حرف التحقيق معروفة غاياته وارتباطاته، ولن يستطيع تبرأته او ظلم أحد، وما حدا يحاول بقا ان يتوسّط معنا لِلَملمة الموضوع.  ولا أحد يحاول أن يضغط علينا بتوجيه معلومات، حتى الآن غير مهمّة، لتوقيف أناس محسوبين علينا بالسياسة، لنعمل تسوية بالملف (موقوف مقابل موقوف) بالعدالة لا يمشي منطق التوازنات، المرتكب مرتكب والبريء بريء (قال شو منوّقف من الجهتين لنبيّن أننا مستقلين).  الموضوع ليس سياسي ولا شعبي، يصورونه على هذا لشلّ القضاء. ولا أحد يحاول ان يحوّل الموضوع الى انحياز قاضي الى جانبنا، الذي يرى ان غادة عون هي قاضية القصر الجمهوري، وهي ليست كذلك، فليطلب تنحيها عن الملف، لأن أي قاضي سيأتي لن يستطيع تغيير الوقائع والحقائق.

هناك سياسيين يتباهون ويبنون زعاماتهم على انّهم يحمون الزعران والفاسدين، ونحن من الصنف الآخر الذي يتباهى انّه لا يحمي فاسدين بل يقدّمهم بفخر للقضاء هذه تربية وثقافة وطنيّة مختلفة، لأنّ هناك أناس هي جزء من منظومة الفساد وتريد حماية الفاسدين، وهناك أناس خارج هذه المنظومة تريد رفع الحماية عن الفساد.

اذاُ لن ينفع معنا لا تهويلكم ولا نرفزتكم ولا محبّتكم او كرهكم، اذا بتحبّونا او ما بتحبّونا اوقفوا الاتصال بنا لطلب القرب السياسي والحماية للسكوت عن الملف وايجاد تسوية فنحن لن ندخل ولن نسمح بأي تسوية.

وهنا نأتي الى الأمر الثالث، وهو منظومة النفط التي لم نكن ولن نكون يوماً جزءاً منها ومعروفون أصحابها التجار والسياسيين والسياسيين التجّار، وعلى الحكومة ورئيسها ووزيرة العدل ووزير الداخلية مواجهة هذه المنظومة والقيام بواجبهم بالملاحقة والتوقيف! لأنّ هذه المنظومة ستسقط من يواجهها وهي أسقطت سابقاً خطة الكهرباء لأنّها تريد ان تبقى مستفيدة من توريد الفيول الى المعامل والى المولّدات الخاصة (نفسهم بالاثنين).  

4 – الكهرباء

انا اتناول موضوع الكهرباء اليوم، (ليس لأردّ على أحد،)

لأنّه الملف الأهم بالنسبة للبنانيين والعالم بخصوص جديّة الحكومة في الاصلاح والإنجاز.

موضوع الكهرباء أساسي لنعطي إشارة للدول بأنّنا نستأهل المساعدة لأنّنا نريد ان نساعد أنفسنا بحلّ مشكلة عبئها كبير على خزينة الدولة وعلى جيوب المواطنين وعلى الاقتصاد ككل.

خسارة الكهرباء كبيرة ولكن الأرقام التي يتمّ تداولها لتحميلنا المسؤولية عن الانهيار هي كاذبة. الخسارة كبيرة وانا كنت اكرّر سنة 2010 ان خسارة الدولة حوالي 2,2 مليار دولار (وخسارة المواطنين من المولّدات حوالي 1,7 مليار وخسارة الاقتصاد هي 2 مليار) وكنت احسب الخسارة بالسنة وبالشهر وباليوم وبالدقيقة وبالثانية لأقول لهم ” يا بلا قلب” كيف بتقدروا تحملوا على ضميركم توقيف الخطّة بهيك خسارة؟  والجواب كان بالاعلام منهم اوقفوا الكهرباء، ورئيس الحكومة سعد الحريري قال بعضمة لسانه بالمجلس النيابي، (نحنا واصحاب)، ان مشكلة الكهرباء الوحيدة هي أنّنا منعنا تنفيذ الخطة سنة 2010 بسبب النكد السياسي والمزايدة. اليوم رجعوا للمناكدة وبدأوا يحكوا ان الخسارة من الكهرباء هي 40 و 50 و 60 و65 مليار دولار وأنّها هي سبب الدين العام والانهيار!

الحقيقة هي أن عجز الكهرباء هو بسبب ان الحكومة سنة 94 قرّرت تثبيت سعر كيلو واط الكهرباء على أساس 20$ لسعر برميل البترول ولمّا ارتفع سعر البترول قرّرت ما ترفع سعر الكهرباء وتدعم الخسارة. وهكذا استمرّ الوضع وعندما استلمنا الوزارة كنا اوّل من تكلّم عن زيادة التعرفة من ضمن حل كامل للكهرباء يؤدّي بالنتيجة الى وقف الخسارة على الدولة ويوفّر على المواطنين بإلغاء المولّدات، (وانتقدتني احدى الصحف بأن عنونت: 24/24 زيادة التعرفة (سألني يومها احد كبار نواب ووزراء المستقبل، هل فعلاً تجرء شعبياً على طرح زيادة التعرفة وقلت لهم طبعاً وهكذا فعلت).

اذاً، المسؤول عن  عجز الكهرباء هو من  وضع هذه السياسة ومن منع اصلاح قطاع الكهرباء! والأرقام الحقيقية هي التالي:

بآخر عشر سنين، عجز الكهرباء بالخزينة كان 16 مليار دولار، كلّه للدعم وصُرِف فقط 575 مليون دولار من أصل مبلغ 1200 مليون دولار الملحوظة لخطة الكهرباء والتي لم تُصرف لغاية اليوم بسبب عرقلتهم للخطة، و575 مليون صُرفت على معملين جدد في الزوق والجيّة بنوا بأعلى المواصفات وبأحسن الأسعار نتيجة مناقصة حصلت في ادارة المناقصات (بعكس ما كذب احد النواب في القوات بمؤتمر صحفي).

بآخر عشر سنين بين 2010 و 2019 انفقت الدولة 142 مليار موزعين 16 مليار على الكهرباء – 47 مليار على خدمة الدين (فوائد) ومعروف ان حصة الكهرباء من العجز 9-8% بينما خدمة الدين هي 38-37%.

أكثر من هيك، سنة 91 كان الدين العام 1,8 مليار دولار واليوم هو 91,6 مليار دولار.

من الـ 91 لليوم كانت مداخيل الدولة 167 مليار دولار، مقابل مصاريف ومن ضمنها عجز الكهرباء 164 مليار دولار (باستثناء خدمة الدين)، أي انّه من دون الدين ومع كل العجز بالكهرباء والهدر بالموازنة، الدولة كان عندها فائض 3 مليار دولار. اين الفرق بين 3 + و 91,6 – يعني 95 مليار دولار؟ هو بفوائد الدين! وهذا السبب الحقيقي للانهيار. استدانة الدولة بفوائد عالية من المصارف، والمصارف اخذت ودائع اللبنانيين بفوائد عالية تشجيعيّة واعطتهم للدولة.

اذاً الدولة قرّرت تبيع الكهرباء للمواطنين بأقلّ من كلفة انتاجها وتخسر بدعم هذا القطاع، ما بيطلع انّ التيّار الوطني الحر مسؤول عن افلاس الدولة!

معمل دير عمار لو نفّذ كانت الكهرباء من سنة 2015 24/24، ولكنّا وفرّنا من وقتها بكلفة 1,2 مليار دولار مرّة واحدة فقط، وفر 7 مليار دولار بآخر 4 سنوات. والكهرباء كانت اليوم تربّح الدولة ولا تخسّرها.

لو نفّذ خط الغاز الساحلي مع معمل الغاز العائم FSRU يلّي قدّمناه منذ سنة 2012 وهو واقف لكنّا وفّرنا كل سنة بالغاز فقط بكلفة الكهرباء 1050 مليون دولار … هذه هي السرقة من أجل نفس منظومة النفط بالبلد.

– الحل الوحيد بالكهرباء هو 24/24 – واذا لم تنطلق الكهرباء هذه السنة فاللبنانيون ذاهبون الى العتمة لأن لا دعم كافي للكهرباء في الموازنات القادمة. أي حل غير 24/24 يعني زيادة الخسائر بدل تسكيرها بالكامل: بينما بالـ 24/24 تزاد التعرفة لتصفير العجز، وتُلغى فاتورة المولّد فتكون الحصيلة أوفر على المواطن.

– ولكي يكون عندنا كهرباء 24/24 نحن بحاجة الى ثلاث معامل في الزهراني وسلعاتا ودير عمار. هذا الأمر معروف ومقرّر من قبل EDF (كهرباء فرنسا) قبل وصولنا الى الوزارة. وأرض سلعاتا استملكتها الدولة لمعمل كهرباء سنة 1978 (كان عمري 8 سنين) وكلّ الدراسات اكّدت على ضرورة انشاء معمل كهرباء هناك؛ وبالنسبة لنا هذا ليس ربح انتخابي، بل خسارة، لأنّكم كلكم تعرفون موقف الناس الانتخابي من معامل الكهرباء في الذوق والجيّة ودير عمار!

– موضوع سلعاتا كان مسلّم به تقنياً ووطنياً من الجميع الى ان استجدّ امرين: واحد له علاقة بموقع الأرض والآخر له علاقة بالـ FSRU.

اولاً العقار المستملك من الدولة، كان تمّ استعادة قسم منه من اصحابه، فوجدت الوزارة عند درس المكان انّه أفضل نقله من المنطقة المصنّفة سياحياً الى المنطقة المصنّفة صناعياً وهي فقط بضعة عشرات الأمتار لأنّه بذلك تصبح كلفة الأرض أقلّ وأوفر.

المشكلة اين؟  ان المعمل اصبح قرب المصانع الموجودة هناك الذين انزعجوا اصحابها. راجعونا فحاولنا عدم اذيّتهم دون اذيّة الدولة وأبعدنا معمل الكهرباء قليلاً عن مرفأهم ولكن لم يقتنعوا فراجعوا غيرنا الذين وقفوا معهم ضد مصلحة الدولةّ وانتوا بتعرفوا أنّنا نحن نتعاطى بالتراب وليس بالترابة وبشركات الترابة؛ وكل من راجعنا بالموضوع كان جوابنا واحد أن موقفنا من الموقع هو مرتبط فقط بما هواوفر للدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار ان معمل كهرباء يبنى بمنطقة صناعيّة أي سلعاتا وليس بمنطقة سياحية أي حنوش.

ثانيا، سبب رفض سلعاتا من البعض اصبح بسبب مناقصة الـ FSRU (محطّة الغاز)، لأن الشركة التي فازت بالمناقصة بأحسن سعر مقدّمة كما هو دفتر الشروط على ثلاث محطّات في الزهراني وسلعاتا ودير عمار وهذه الشركة QP مع ENI لا تريد ان يكون لديها عملاء في لبنان، ولذلك هم يريدون تخسير هذه الشركة وتربيح شركة أخرى مقدّمة فقط على محطتين والسبيل الوحيد بانجاحها هو بالغاء محطة من الثلاثة ليصبحوا اثنين، كيف نلغي محطّة الغاز؟ بالغاء معمل الكهرباء! فيبقى اثنتان، لماذا؟ لأن هذه الشركة متحالفة مع عميل محلّي ينتمي الى نفس منظومة النفط المعروفة!

– آخر ما اريد ان اقوله بموضوع الكهرباء هو اصلاحي يتعلّق بمجلس ادارة كهرباء لبنان والهيئة الناظمة، واتّهامنا أنّنا لا نريد تعيينهم وكأنّنا نرفض الاصلاح ويسوّقون هذا الأمر للسفارات لتصويرنا أنّنا فاسدين. هذا كذب وسأوضحه.

اولاً بموضوع مجلس ادارة الكهرباء، فهو موجود وغير شاغر – انتهت مدّته كالكثير من مجالس الادارة بلبنان ولكنّه مستمرّ بعمله بشكل طبيعي ولا فراغ؛ كل ما يريدونه من مجلس ادارة جديد هو لتعيين اعضاء لهم فيه. هذه كلّ القصّة! ونحن لم نمانع ولا مرّة بتعيين مجلس ادارة جديد، وتقدّمنا فعلاً بذلك وآخرها كان بآخر جلسة للحكومة الماضية ولكن الحكومة لم توافق.

ثانياً بموضوع الهيئة الناظمة يصوّورننا وكأنّنا ضد الهيئات الناظمة، مع العلم أن التيّار هو الوحيد الذي عيّن هيئة قطاع في لبنان وهي الوحيدة التي تشتغل بحسب الأصول وهي هيئة النفط.

نحن نريد اصلاح قطاع الكهرباء وتطبيق القانون القاضي بتغيير قانون الكهرباء ومن ثم تعيين الهيئة الناظمة التي يصبح بامكانها العمل وليس كما حصل مع هيئة الاتصالات ونحنا فعلاً طبّقنا القانون وقدّمنا التعديلات على قانون الكهرباء منذ 2012 في المجلس النيابي، ومن يريد اصلاح الكهرباء فليقرّ القانون لتعيين الهيئة.

V – الخاتمة

نحنا 15 سنة كنّا لوحدنا بمواجهة منظومة الفساد السياسي-المالي وتعرّضنا لهجومات ومؤامرات، ولن نقبل ان الحياة السياسية بلبنان تبقى ملوّثة ويموّلها الفساد والصفقات من الفيول ومن مزاريب الهدر.

وبالنسبة لأصدقائنا، يا ليت يسمعون منّا بالوشوشة، نحن نصرّخ علناً لتركنا نتخبّط وحدنا في المعركة دون ان يلتفتوا لنا (ويبقى لنا كلام وعتب معهم في السرّ).

امّا بالنسبة للأطراف السياسية التي تهاجمنا علناً وترسل مراسيلها سراً، فنقول لها علناً: تهجمون علينا بالكلام كلّما شعرتم أنّ مصالحكم أصبحت مهدّدة بانكشاف الحقيقة، مشكلتنا معكم ليست بالشخصي، بل بالسياسة وبالمنظومة التي ركّبتوها وأفلست البلد ولا تريدون التخلّي عنها.

ولكن مشكلة البلد الأكبر فهي الطائفية التي تحمي الفساد، وضرورة معالجة أزمة النظام السياسي، لأن ما يمنعنا فعلاً من تحقيق ما نريد هو هذا النظام السياسي الذي يحتاج الى إجماع في كلّ شأن تحت طائلة فقدان الوحدة الوطنيّة واندلاع الفتنة. والسؤال ألا يجب استغلال الفرصة الآن لتطوير هذا النظام انطلاقاً من الدستور ومن اتفاق الطائف، دون الرهان على تغيير موازين القوى، بل بالاتكّال على التوافق الوطني؟ انا اقول بلى.

أولاً باعتماد اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، وأزمة الكورونا اثبتت لنا اين نحن بحاجة الى نظام مركزي قوي بوزارة صحة مثلاً تعطي السياسةالعامّة، وأين نحن بحاجة الى اللامركزية وهو ما رأيناه مع البلديّات وعمل الأحزاب والجمعيّات المناطقي.

وثانياً بالانتقال الى دولة المواطنة المدنية عبر اعتماد قانون موحّد للأحوال الشخصيّة، وتأليف مجلس الشيوخ والغاء الطائفية بحسب الدستور وبحسب برنامج محدّد ومتفق عليه.

قد يكون هذا الأمر لا يسبق بالأولوية موضوع منع الإنهيار وتجنّب الفوضى، ولكن يجب ان يبقى حاضراً في ذهننا، كي لا تمرّ الأزمة ولا تعالج لبّ المشكلة.

ولكن حتى ذلك الحين، لا يجب استغلال الأزمة الحالية، واستغلال غيابنا عن الحكومة للمسّ بميثاقنا وبالمناصفة والمسّ بتوازنات البلد الدقيقة. نحنا قلنا ونردّد أنّنا مع المداروة في الوظائف بين الطوائف (وحتى أكثر)، ونحن مع عدم التمذهب لدى كل طائفة، فلا يجب ان تحصل مشكلة اذا مرّة، عن غير قصد، أو اذا ظروف الادارة فرضت ذلك، ان تقوم قيامة مذهب ضد آخر، فالمرجلة ليست بين المسيحيين على بعضهم. من يزايدون اليوم لأسباب معروفة كان عليهم ان يروننا بطولاتهم في معارك المناصفة في الادارة التي قمنا بها وحيدين وتحمّلنا من أجلها الظلم والسباب دون مساهمة منهم بل بتواطئ وبتشريعات مسيئة للمناصفة والتوازن بمجلس النواب. نحن الذين قاتلنا الجميع من اجل استعادة الحقوق والمناصفة، لا نقبل ان يشعر أحد ومن أي طائفة مسلمة او مسيحية بالغبن؛ فكيف اذا كان عند الارثوذكس (وهم نحظى عندهم بأعلى نسب التأييد)؛ نحن مسؤولون عن معالجة أي خلل، أكان قائماً او كان هناك انطباع بسبب المزايدات بأنه قائم. هذه مسؤوليّتنا وقد كلّفت لجنة لمتابعة الموضوع ومعالجته، والمطران عودة والبطريرك يازجي وضعاه بين يدي الرئيس ونعرف حرصه على الموضوع.

اذاً لا مشكلة هنا، وانا متأكّد بأنّه ستتم معالجتها، ولن نسمح لأحد بابتزازنا بحراجة الوضع الداخلي للحصول على مكتسبات هي ليست من حقّه ويمسّ بها شعور وكرامة طائفة لها موقعها في العاصمة وفي النسيج الوطني اللبناني.

بدل الاختلاف على تعيين موقع مثل محافظ بيروت، كل الناس المعنيين متفقين على طريقة مقاربته للاتفاق على اسم يحظى بالثقة والتوافق، يجب التركيز الآن على إنهاء التعيينات المالية في مصرف لبنان! فكيف لنا ان نعالج ازمة النقد والمصارف والمصرف المركزي فيما الشواغر فيه تطال نواب الحاكم، ولجنة الرقابة على المصارف، وهيئة الأسواق المالية، وهيئة التحقيق الخاصة ومفوّض الحكومة لدى المصرف المركزي.

كيف لنا أن نغيّر السياسة النقديّة، ولا نجري التغييرات اللازمة في المراكز النقديّة والماليّة؟ 

-نحن لدينا الكثير من الأزمات وعلينا معالجتها، ليس بخلفيّات سياسية، بل بخلفيّة النهوض بالبلد ووقف الانهيار.

فعندما نتحدّث عن وجوب عودة النازحين السوريين في هذه المرحلة بالذات فلأنّه لا يمكن حل ازمتنا الاقتصادية من دون ذلك بعد أن كانت كلفة بقائهم في لبنان حتى الآن 43 مليار دولار.

وعندما نتكلّم عن ضرورة الانفتاح على سوريا، فليس بخلفيّة سوى حسن الجوار، لأنّ الأزمة السورية كانت احد أهم أسباب اختناق اقتصادنا وعلينا اعادة فتحه باتجاه عمقنا العربي من خلالها وفتح ابواب التصدير.

وعندما نتكلّم عن السوق المشرقي، فليس بخلفيّة عنصريّة بل لأن المشرق أي لبنان وسوريا والعراق والاردن وفلسطين، هو مجالنا الحيوي وهو الرئة لاقتصادنا وهو فضاءنا الثقافي القريب.

– بدّنا نحلّ ازماتنا، طيب كيف ما يكون بدّنا نستفيد من ثرواتنا وما أكثرها.

النفط والغاز ثروة وطنيّة والتفكير باستخراجهم بلّش قبلنا بكتير ولكن نحنا نفّذنا.

بس النفط مش للتيّار ولا الشركات موجودة بمقرّه ولا نحنا اخترعنا خبريّة.

اهم شركات النفط العالمية Total و ENI و Novateck لم يأتوا الى لبنان لسواد عيون التيّار الوطني الحر، ولا هم دفعوا حتّى الآن ما يزيد عن المئة مليون دولار استثمار كرمالنا لو ليس هناك عندهم خطوط مالية من اجل مردود واعد.

كذلك دراساتنا المكثّفة التي قمنا بها وأمّنت لنا مردود حتى الآن 43 مليون دولار تؤكّد وجود الغاز والنفط (يعني الشركات دفعت 43 مليون دولار لقاء معلومات عن مسوحاته الجيولوجية النفطية).

كذلك الدول المجاورة تأكّد وجود الغاز عندها، ولكن فرص الاكتشاف لا تكون من أوّل ضربة!

في اسرائيل بدأ الاستكشاف عام 90 وأوّل اكتشاف تجاري عام 2006 في حقل تمار الذي بدأ الانتاج عام 2009.

في قبرص المشابه لنا نظامها، تم حفر 6 آبار ادّوا الى اكتشافين تجاريين.

في مصر، حاولت عدّة شركات على مدى 15 سنة في بلوك شروق وفشلت الى ان نجحت احدى هذه الشركات ENI عام 2015 بعد حفر 10 آبار الى اكتشاف أكبر حقل الذي هو زهر.

نحن في لبنان، حفر أوّل بئر في بلوك 4 أكّد وجود غاز، ولكن يبدو أنّه بكميّات غير تجاريّة (بالرغم من بعض التقارير التي تحدّثت عن 1TCf التي هي 4 سنوات للبنان بكل أنواع الطاقة)، كهرباء وصناعة واستهلاك منزلي ولكنّه يعتبر غير تجاري).

نحن نفهم انّه بحسب العقد يحق للشركة الاّ تحفر البئر الثاني قبل عام 2021، ونحن نفهم ان تتريّث الشركة لتدرس ما وجدت وهذا يتطلّب وقت، وان توقف نشاطاتها في كل العالم بسبب كورونا، وان تنتظر اسواق النفط والغاز العالمية لتحدّد سياساتها ومصاريفها، ولكن نحن أيضاً ننتظر تقرير الحفر Drilling Report لنطلّع عليه وندرسه ونقرّر نحن ايضاً الموقف، لأنّه يحق لنا أيضاً أن يكون لنا شكوكنا مما حصل وربطه بتصريحات بعض السياسيين والمسؤولين، والتي وان كانت تنمّ عن حقد، ولكنّها قد تكون مرتبطة بتسريبات او طلبات، وكأنّه لم يعد هناك من مشكلة حدود بحريّة مع اسرائيل، ولم يعد هناك من تنافس عالي مع الروس حول الأسواق الأوروبية، ولم يعد هناك من مصالح معروفة للشركات المشتركة في دورات التراخيص المقبلة! كلّها امور نعرفها ونتابعها ونرصدها للحفاظ على ثروة لبنان النفطية ومتأكّدين ان لدينا من المسؤولين اللبنانيين، الحريصين ايضاً على عدم التفريط بهذه الثروة وتقديم الهدايا المجانيّة لمن يعادينا او ينافسنا.

نحن نحلّل ما هو حاصل ولكن نتحفّظ الآن حفاظاً على مصالح لبنان النفطية وعلاقاته التعاقدية والتجاريّة؛ ولكن ما حصل يؤكّد وجود الغاز في بحرنا، ولن نقوم بردّة فعل تؤدّي الى خفض قيمته من أجل تسجيل حركة سياسية وتأمين مردود سياسي خاص ورخيص.

-اختم لأقول أن التيّار سيبقى يعمل لتخطّي الأزمات، وللاستفادة من ثروات لبنان، وسيبقى يطرح الحلول لإعادة بناء الاقتصاد، فيما غيره لا يهمّه سوى ما يقوم به التيّار لينتقده ويعتدي عليه.

سنبقى نتحمّل ولن نتحوّل الى العنف كما يهدّدنا البعض وسنبقى هذه الثورة الهادئة العاقلة.

الجنرال جياب أحد أكبر أبطال الثورة الفيتناميّة قال:  “إن الثورة والثروة لا يلتقيان”.

الثورة التي لا يقودها الوعي تتحوّل الى إرهاب

والثورة التي يغدق عليها المال يتحوّل قادتها الى لصوص.

أعاننا الله على التحمّل وأبعد عنا اللصوص والارهاب وأعطانا القوة لنستمرّ وأعطى لبنان الفرصة للحياة.

بذكرى اغتيال المفتي خالد بـ 16 آيّار منذكر الذين استشهدوا ليعطوا الحياة، وبذكرى اتفاق 17 آيّار منذكر اللبنانيين الذي تخطوا المؤامرات ليعطوا للبنان الحياة.