هذه المرّة سنكتبُ المقال هذا انطلاقاً من الخُلاصةِ وليس البداية
هذه الخلاصة تقول: على كلّ مواطن ومودِع يأملُ أن يسترجعَ حقوقهُ وجنى عمره، أن ينظرَ بموضوعيّةٍ إلى كلّ ما يحدث
إنَّ هذه الخلاصة تحمل العنوان البشرة الجديدة والسّارة: “بريطانيا ستنضمُّ إلى ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، سويسرا وإمارة ليشتنشتاين في إصدارِ قرارات حجز على عقاراتٍ تملكُها شركات بيَّنَت التّحقيقات أنّها تعودُ إلى أفرادٍ من شبكةِ “آل سلامة”، والجدير بالذّكرِ أنَّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هو عمليّاً صاحب الحق الإقتصادي فيها
أمّا الحيثيّات الماديّة والقضائيّة فتقسم على الشّكلِ التّالي
أوّلاً، طلبت النّيابة العامّة اللّبنانيّة من خمسةِ مصارِف لبنانيّة وهي: عودة، سارادار، مصر ولبنان، الإعتماد اللّبناني والبحر المُتوسِّط، تزويدها بكُشوفاتِ تفصيليّة ودقيقة حول حسابات رجا سلامة للتّحقيقِ في قضيّةِ الإثراء غير المشروع، المُشتبه حاكم المصرف بتورّطه بِها
أكثرُ من ذلكَ، إنَّ هذه المصارف المذكورة أعلاه امتنعت عن تسليمِ الكُشوفات وتذرَّعت بحجّة “السّريّة المصرفيّة”. فمقاربة هذه العمليّة ليست بريئة كون سلّم مصرفان ما لديهما من كشوفات إلى هيئةِ التّحقيق الخاصّة الموجودة في مصرفِ لبنان. ولكن كيف لهذان المصرفان أن يجهلا قانون السّريّة المصرفيّة الذّي ينصُّ صراحةً في مادّتهِ السّابعة على أنَّهُ لا يمكن للمصارِف التّذرّع بسرِّ المهنةِ بشأنِ الطّلبات التّي تُوجِّهُها السّلطات القضائيّة في دعاوى الإثراء غير المشروع
ثانياً وفي سِياقِ عرقلة التّحقيقات من قبل المصارف مجتمعة ومن قبل بعض القُضاة؛
كيف لنا أن ننسى المداهمة التّي أجراها القاضي جان طنّوس برفقةِ الضّابطةِ العدليّة للحُصول بقوّةِ القانون على الكُشوفات بعد أن تمنّعت المصارِف التّعاون وتسليمها طوعاً؟ وكيف لنا أن ننسى قرار القاضي غسّان عويدات بمنعهِ القاضي طنّوس من إكمال مهمّته ومن ثمَّ توقيف المداهمة فوراً؟
ثالِثاً وبحسبِ الجهات الأوروبيّة، إنَّ كشوفاتَ رجا سلامة سيكون لها دور رئيسي في حسمِ تهمة الإختلاس؛ إذ طلبت الجهات الأوروبيّة من النّيابة العامّة التّمييزيّة اللّبنانيّة تبريراً واضِحاً لعدمِ حُصولها على كُشوفات رجا سلامة
وعليه، إنَّ هذه المصارف الخمسة بمجرَّدِ امتناعها عن التّعاون، تكونُ عُرضةً لتهمةِ المشاركة بعرقلةِ التّحقيق، التّغطية على جرمِ الإختلاس، إخفاء أدلّة والمساهمة بعمليّة تبييض الأموال
على كلّ واحد منّا يريدُ هزيمة هذه المنظومة أن ينظرَ إلى ما يحدث حوله، أن يطرح عدّة أسئلة مشروعة ومن ثمّ يختار؛ أن يطرح عدّة أسئلة مشروعة ومنها: هل ستتعاون السّلطات القضائيّة اللّبنانيّة مع السّلطات القضائيّة الأوروبيّة التّي بدورِها تُتابِع الموضوع بكلِّ شفافيّة وموضوعيّة؟ هل ستتعاون المصارِف اللّبنانيّة؟ وفي حال تمنّعت سنقطع الشّك باليقينِ على أنّها متواطِئة تواطؤاً واضِحاً مع آل سلامة، وفي هذه الحالة هل ستُحاسب من قبل القضاء اللّبناني؟ أو سيلعبُ هذه المرّة أيضاً دور “شاهد لم يرى شيء”؟ هل ستستمرُّ التّدخّلات في لبنان على كافَّةِ أنواعِها لتبييضِ صورة آل سلامة، الصّورة التّي لا تحمل إلّا طابِع الجرائم التّي ارتكبوها بحقِّ أُمّة بأكملِها؟
وختاماً عليهم أن يختاروا: إمّا دعم التّحقيقات التّي يجريها بعض القُضاة بكلِّ مهنيّة لتبيانِ الحقيقة، كشف المستور وما تبقّى من حقائق مخفيّة ومُحاسبة المرتكبين وإمّا “عفى الله عمّا مضى” من حقوقهم وجنى عمرهم وذلك بدعمِ المنظومة الفاسدة المكوّنة من إعلاميّين وقضاة
عليكم أن تختاروا إمّا الأبيض وإمّا الأسود