أخذت المنظمات غير الحكومية وأعمالها المشبوهة بالإنتشار في لبنان مباشرة بعد أحداث شباط 2005. لكن التحضيرات المدنية بدأت عام 2004، بغية تحضير الأرضية بتجنيد مجموعات شبابية وإعلامية الى جانب عدد من السياسيين، بهدف ملاقاة الحدث الذي سيعتبره المنظمون النقطة صفر لانطلاق الثورة. ومن بعدها أصبحت هذه المنظمات علنيّة وبلغت أوجها مع بداية الأزمة السورية عام 2011 والنزوح الكبير الذي رافقها
تستغل هذه المنظمات المموّلة بغالبيتها من دول وحكومات وشخصيات أجنبية نقاط الضعف ووجع الشعوب وحاجاتهم، كما توظّف الظروف والأحداث، فتحضّهم على نشر مبادئها وتدفع الأموال الطائلة بالعملات الصعبة لتحفيزهم على تنفيذ أجنداتها داخلياً وبطرق غير مباشرة
أحد أبرز نجوم هذا الواقع الميلياردير الأميركي اليهودي جورج سوروس الذي يكرهه اليمين المتشدّد لأنه يهودي، واليسار لأنه رأسمالي” ويعتبر أنه مركزاً للمؤامرات الدولية. أما مجلّة “فوربس” الأميريكية فتضعه في المرتبة الـ24 في قائمة أغنى 400 رجل في الولايات المتحدة. وهو بحجّة أعماله الإنسانية الكثيرة، بما فيها دفاعه عن التعليم ومساعدته للمدارس والأطفال حول العالم، الى جانب دعمه النازحين وما يعتبره “الحقّ بالعلم والعيش ودمجهم بالمجتمعات”، ضخّ ما يفوق الـ 30 ميليار دولار حول العالم لإنجاح مشروعه. كما يُتّهم بأنه صانع أعمال مخرّبة عالمياً، حتى أنّه اعتُبر في الولايات المتّحدة وراء كلّ شرّ والعقل المدبّر لكلّ الشرور التي تبثّها المؤامرة العالمية

:أطلق جورج سوروس مؤسسته “المجتمع المفتوح

Open Society Foundation

في العام 1979، وتتوزّع فروعها في 120 دولة، وهي تعنى ظاهرياً بالأعمال الخيرية. ورغم أن سورس يحاول تصوير أنشطة مؤسسته على أنها جهود خيرية، وأنها ترفع شعار “مجتمعات حية ومتسامحة” تكون حكوماتها قابلة للمحاسبة ومفتوحة على مشاركة كل الناس، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك. فمؤسسته متّهمة بالتلاعب بمصائر دول كثيرة، بحيث تقلّب المجتمعات على الحكام والدول للوصول الى أهدافها مستخدمة طرقاً هدّامة ومحرّضة على أعمال العنف التي أدى بعضها إلى تغيير أنظمة. من مآثر سوروس”الثورة البرتقالية” في أوكرانيا عام 2004 والانقلاب على الرئيس فيكتور يانوكوفيتش المعروف باسم ثورة “يوروميدان” في عام 2014. كما إتُّهِم بالتدخل والتأثير في الشؤون الداخلية لدول عدة. فاعتُبِرَ رأس الشرور، من الولايات المتحدة الأميركية إلى أرمينيا وبريطانيا وإيطاليا والفلبين، فيما صنّفت روسيا “الجمعية المفتوحة والمجتمع المفتوح” و”صندوق مساعدة سوروس” مؤسسات غير مرغوبٍ فيها منذ عام 2015. وذكر مكتب المدعي العام في موسكو أن منظمات سوروس تشكّل تهديداً لأسس النظام الدستوري الروسي وأمن الدولة وغيرها من الدول التي شهدت أعمال عنف مشبوهة. أما الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فإعتبر أن سوروس يحاول بثّ التّفرقة بين الأمم وتدميرها، لذا قرّر سوروس إنهاء عمليات مؤسسته هناك

وحتى في مسقط رأسه المجر وعلى لسان رئيس وزرائها فيكتور أوربان إتُّهم الرجل بـأنه “أداة مؤامرة سرّيّة لإغراق المجر بالمهاجرين وتدمير الأمّة”. وزاد استهداف المنظمات التي يمولّها وصولاً الى أيار 2018 حين أغلقت مؤسسة المجتمع المفتوح مكتبها في المجر
أمّا فرنسا فقد غرّمت سوروس مبلغ ٢،٩ مليون دولار بسبب عملية

felony insider trading

من جهتها، أعلنت الصين رسمياً جورج سوروس إرهابياً عالمياً، وأطلقت عليه لقب “إبن الشيطان” والرجل الأكثر شراً في العالم بسبب تمويله الثورة الملونة في هونكونغ ولأنّه على رأس حملة شائعات ضد الدولة الصينية ورئيسها . وصنّفته بيجينغ بأنه “أخطر عدو” للمجتمعات الحرة والديموقراطية

فما الهدف من أن يموّل سوروس منظمات غير حكومية وناشطين واعلاميين، مع عدم اسقاط حقيقة أن دولًا عدة طردته بسبب نشاطاته المماثلة؟
الأكيد أن للرجل مصالح تجارية، ولكن الأخطر أجنداته المشبوهة والتي يعبّر عنها بوضوح عملُه الدؤوب على دعم اللاجئين لتوطينهم في دول اللجوء، وتشييع افكار ضد الإنسانية والأديان ومناهضة للمبادئ الدولية وللدولة الوطنية التي يجهد في سبيل تفكيكها