“تعليق كل المواد الدّستوريّة والقانونيّة التّي تعطي حصانةً أو أصول خاصّة بالمحاكمات، لرئيس الجمهورية، ولرئيس
الحكومة، وللوزراء، وللنواب، وللقضاة، وللموظفين وحتّى للمحامين”، إنّه إقتراح القانون الذّي أعلن عنه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في مؤتمره الصحافي الأخير وهو عنوان الورقة التّي حملها وفدٌ من هذا التّيار إلى مركزيّة ميرنا الشّالوحي والذي لم يحصل على توقيع التيار الوطني الحر عليها
إذ إنّ هذا الإقتراح يحمل أبعاد غير دستوريّة ومماطلة قانونيّة في آنٍ معاً؛ وفي هذا السّياق، لا بدّ من اللّجوء إلى قوانين الدّستور اللّبناني و
هذا أقلّ المنطق والايمان
أوّلاّ، إنَّ تعديل الدّستور يحتاج إلى تأمينِ توافقِ معظمِ مكوّنات المجتمع اللّبناني أي تلك الممثّلة في البرلمان. وبحسب المادّة ٧٧ منه، فانعقاد جلسة التّعديل تحتاج إلى أكثريّة الثّلْثَيْن من مجموع الأعضاء؛ ممّا يعني أنّها مسألة معقّدة والمطلوب اليوم عوض ذلك السّير بالطّرق الأسهل
ثانياً إنَّ الأمر الذّي يُترجِمُ المماطلة بهذا الخصوص هو المنصوص في المادّة ٣٢ من الدّستور والذّي يُحدِّد بكلّ صراحة عن مواعيد إجتماع مجلس النّواب في كلّ سنة في عقدين عاديّين يبدأ الأوّل يوم الثّلاثاء الذّي يلي الخامس عشر من شهر آذار حتّى نهاية شهر أيّار؛ و العقد الثّاني المُخصّص بالبحث في الموازنة والتّصويت عليها يبدأ يوم الثّلاثاء الذّي يلي الخامس عشر من تشرين الأوّل وتدوم مدّة هذا العقد إلى آخر السّنة
استناداً إلى الوقائع القانونيّة أعلاه والمنصوصة في المادّة ٧٧ من الدّستور، إنَّ مسألة تعديل الدّستور تحتاج إلى الإنعقاد في العقد العادي؛ وهُنا يتجسَّدُ إذاً من دون أي إلتباس مسار المُماطلة وذلك كما سبق الذّكر عن مواعيد انعقاد العقود العاديّة
بالتّزامن، عبارة “تعليق الدّستور” الذّي ينصّ عليها هذا الإقتراح لم ترد بأي شكلٍ من الأشكال في الدّستور اللّبناني؛ لا بل وردت عبارة “تعديل الدّستور” في الباب الثّالث منه؛ فيكون هذا الاقتراح لا قيمة لهُ قانونيّا
بالمختصر، لأنّ الوقائع الرّاهنة أعلاه تدحضُ منطق الإستعجال، إنَّ خارطة الطّريق الأسهل والفعليّ بأقلّ ضرر ممكن للخروج من أزمة رفع وإسقاط الحصانات هي اللّجوء بكلّ بساطة ومن دون تعقيدات إلى التّصويت في المجلس النّيابي على رفع الحصانات وعدم السّير بالعريضة النّيابيّة الموقّعة وذلك بغية تسهيل عمل المحقّق العدليّ القاضي طارق بيطار والوُصول الى العدالة التّي لا بدّ أن تظهرُ يوماً