مرّ قرابة الشهرين على تكليف سعد الحريري تشكيل حكومة “مَهمّة” حسب توصيف المبادرة الفرنسية
طبعاً في الشكل تكليف سعد الحريري لرئاسة الحكومة يتناقض بحد ذاته مع حكومة مَهمّة من أخصائيين مستقلين، إذ أن الحريري رمز الطبقة السياسية الأول ووريث السياسات الاقتصادية والمالية الريعية التي ندفع ثمنها اليوم. ومن هذا المنطلق أتت رسالة رئيس الجمهورية لمجلس النواب عشية التكليف
شهران ولا يزال الحريري يرواغ ويماطل ويحاول اختلاق البطولات الوهمية بتصويب سهامه على رئيس التيار الوطني الحرّ في محاولة لشدّ العصبيات الطائفية والإيحاء بأنه الآمر الناهي في تشكيل الحكومات مع الاوصياء الإقليميين والدوليين الجدد، مستعيدا ً تجربة والده مع غازي كنعان ورستم غزالي وإيصال رسالة أن ما تمّ استعادته من شراكة سياسية من قِبل المسيحيين في السنتين الماضيتين قد انتهى


السخرية أن الحريري يدّعي تشكيل حكومة أخصائيين مستقلين ويتشاور مع جميع أفرقاء منظومة الطائف من الثنائي الشيعي إلى الحزب الإشتراكي وتيار المردة وحتى الحزب القومي السوري
بإختصار كل المنظومة التي حكمت منفردة في التسعينات
فالشروط التي حرّض الحريري مصطفى أديب على رفضها مدعوماً من رؤساء الحكومات السابقين، عاد وقبل نفسه بها عند تكليفه من استثناء وزارة المالية من المداورة وصولاً الى قبول تسمية الوزراء الشيعة والدروز من قبل الثنائي وجنبلاط مع الاصرار على تسمية الوزراء المسيحيين بنفسه
فهل مفهوم المبادرة الفرنسية قائمة على إعادة إنتاج منظومة الطائف؟
وهل من أدار الصناديق ورسم الخطوط الحمر منعاً للمحاسبة هو رجل المهمة المطلوب لتنفيذ الإصلاحات ؟
هل باتت المبادرة الفرنسية ترتكز على عزل فريق واحد وإعادة عقارب الساعة الى ما قبل ٢٠٠٥ ونسف ما تمّ تحقيقه من استعادة لشراكة ميثاقية بعد صراع طويل
سنة ١٩٩٠ وقف العماد عون قائلاً للعالم أجمع
يستطيع العالم ان يسحقني لكنه لن يأخذ توقيعي
واليوم ايضاً، محاولة فرض حكومة منظومة الطائف تحت مسمى حكومة مهمة لن تمرّ والرئيس عون لن يوقّع
معادلة المساعدات مقابل التخلّي عن الشراكة الميثاقية والعودة الى حقبة الحريري ، غازي، رستم لن ترى النور
العودة لنهج التسعين في تشكيل الحكومة والسطو على ما تبقّى من صلاحيات لرئيس الجمهورية بشراكته في تشكيل الحكومة لن تمرّ مهما كان الثمن
فالأجدر في هذه الحال إعادة النظر بصيغة لبنان الكبير