يتجدّد الحديث بين الحين والآخر عن صفقات أو مخالفات تتعلق بعقود بواخر إنتاج الطاقة في لبنان. الموضوع أثار جدلاً واسعاً في الإعلام بسبب رد دائرة المناقصات تكراراً للمناقصة متذرّعةً بشوائب قانونية غير دقيقة.
فوفقاً لمحضر فضْ العروض أدناه لإستمداد الطاقة من معامل توليد الكهرباء العائمة والموقَّع من رئيس دائرة المناقصات جان علّية نفسه تأهّلت فنياً شركتان:
طُلب من إحداهما توضيح مستندات إدارية ومن الأخرى إستكمال مستندات إدارية وهذا أمر شائع وطبيعي في جميع المناقصات ويُدرِكه كلّ من يشارك في إستدراج العروض.
غير أن جان علّية لم يشأ إنتظار توضيح وإستكمال المستندات من الشركتين ليبني قراره على ضوئها واعتبر، بخلاف ما تم إستثباته في محضر فضْ العروض، أن إحدى الشركتين مؤهلة من دون شروط والأخرى غير مؤهلة ورد بالتالي المناقصة متسبباً في حرمان الكهرباء 24/24.
في الشكل ذرائع علّية ساقطة وخدمت من حيث أراد عمداً أو لم يرد شركات المولدات ومافيا الفيول.

أما قانونياً، نلفت أن صلاحية إدارة المناقصات لا تشمل المؤسسات العامة، فإذا أراد علّية التذرّع بالقوانين، فإن إجراء المناقصة في إدارة المناقصات مخالف للقانون بحد ذاته. لكن حرصاً على مزيد من الشفافية إرتأت وزارة الطاقة أن تلجأ إليها خاصّةً أن كل مستنداتها قانونية ووفق الشروط الفنية وليس لديها ما تخفيه.

لكنّ المريب في الموضوع هو تناغم مواقف علّية مع مواقف أحزاب جاهرت في الوقوف ضد الحلول المؤقتة، ومنها طبعاً الإشتراكي، وهي معروفة بشراكة رؤسائها مع شركات الفيول والغاز. وقد قالها أبو فاعور بكل وقاحة وبالفم الملآن بانه سيقف ضد البواخر حتى لو كان الحل الأرخص والأسرع .
كذلك فعل علي حسن خليل معلناً انه ضد مبدأ البواخر بالمطلق من دون معرفة حتى كلفتها وسرعتها في تأمين الطاقة.
وقد خدمت مواقف العلية طبعاً هذه التوجهات.

أين كان حرص علّية في المناقصات والتلزيمات التي فاحت منها الفضائح والإختلاسات بالملايين في الأشغال والداخلية. فعندما تحاضر بالشفافية ينبغي ان يكون رصيدك في المصداقية والشفافية لا غبار عليه.

التبست الأمور على المواطن نتيجة الجدل البيزنطي لكن تبقى النتيجة واحدة: حُرم اللبنانيون من الكهرباء 24/24 واستمرّ أصحاب المولدات في تأمين الكهرباء عوضاً عن الدولة واستمر إزدهار تجارة الفيول بغطاء وشراكة من الاحزاب الخمس واستمرت الدولة بتكبّد 2 مليار دولار سنوياً بسبب مرسوم صادر عام 1994 عن وزير المالية السابق فؤاد السنيورة يقضي بدعم شركة الكهرباء حين كان سعر برميل الفيول ٢٠$. استمرّت الدولة بسد عجز الشركة التي كانت تبيع الكهرباء بأقل من كلفتها حتى عندما وصل سعر البرميل إلى ٧٠$ مما كبّد الخزينة عجز بالمليارات.
فالطاقة المؤقتة كانت سترفع ساعات التغذية وتُرفَع معها التعرفة على المواطن بحيث لن يحتاج إلى المولّد ولا إلى دفع فاتورتي كهرباء فتتوقّف الدولة تلقائياً حينها عن سد عجز لم يعد موجوداً.

أما بالنسبة لبواخر الطاقة العاملة فننشر فيما يلي جدول مقارنة بين أسعار انتاج الطاقة من المولدات (بالأخضر) مقارنة مع سعر الطاقة المؤقتة من البواخر (بالأحمر) في العام ٢٠١٩. وبمقارنة سريعة في هذا الجدول لأسعار إستجرار الطاقة من سوريا وأسعار كهرباء زحلة، نلاحظ وبوضوح أن أسعار البواخر هي الأقل كلفة بسعر ١٤.٢ $/ KWH.
بناءً عليه فإن رفض الحل المؤقت يصبّ مباشرة في خدمة مافيا المولدات وكارتيل الفيول. فبناء المعامل يحتاج ٣ سنوات بين مناقصات وتأمين تمويل وبناء لذلك كانت الحاجة الى حلّ مؤقت وكان عقد شراء الطاقة من بواخر كارادنيز هو الأدنى سعراً والأسرع والأفضل بيئياَ.

وكانت محطة ال م تي في قد عرضت تقريراً منذ عامين عند إحتدام النقاش عن بواخر الطاقة يُظهر بوضوح أن البواخر هي الحل المؤقت الأسرع والأقل كلفة، علماً أن سياسية المحطة لا تتوافق أبداً مع سياسة التيار الوطني الحر لكن أي تقرير تقني سيكشف حقيقة الأرقام كما هي.

أما لمن يسأل عن عمولة قد يكون جناها أحدهم من البواخر، فوكيل كارادنيز في لبنان هو سمير ضوميط، نائب رئيس تيار المستقبل فليتقدموا بالإخبار وليحقق القضاء في الموضوع.

تجدر الإشارة أن البواخر لم تكن يوماً الحل الذي إقترحته وزارة الطاقة بل كان دوماً الحل المؤقت ريثما تنتهي المعامل التي تعرقلت بدورها بسبب النكد السياسي كما اعترف الأفرقاء السياسيون جميعاً.
وما يزال البعض يسأل عن سبب أزمة الكهرباء!؟

https://www.facebook.com/11712620770/posts/10156822539120771/