سنختصرُ هذه المرّة المقال هذا من النّهاية و”من الآخر”: أدخلَ نجيب ميقاتي اليوم البلاد في الفراغِ الدّستوري والفوضى القانونيّة والإجتهاديّة والإجتماعيّة
إبتداءً من الغد، لم يعد لدينا رئيساً للجمهوريّةِ ولا حكومة أي لا سلطة تنفيذيّة
لسنا بموقع لتفسيرِ الدّستور والقوانين، ولكن البعض من مواده واضحة وصريحة ولا تحتمل “الفلسفات” من المتفلسفين
حيثُ أنّهُ وإستناداً إلى القانون الإداري، فإنَّ مرسومَ تأليف الحكومة هو بمثابةِ الرُّخصة التّي بمقتضاها، تمّ منح الأشخاص المعيّنين صفة الوزراء، وعلى أساس هذا المرسوم أصبح بإمكانِ هؤلاء الوزراء ممارسة صلاحيّاتهم سواءً أكانت صلاحيّات ضيّقة (تصريف الأعمال إلى حين نيل الحكومة ثقة مجلس النواب) أو الصّلاحيّات الكاملة بعد نيلهم هذه الثّقة. بالتّالي، من دون هذا المرسوم لا يمكن أن يتشكَّل الكيان الدّستوري المُسَمّى بالحكومة؛ وأكثر من ذلك، هذا المرسوم هو الهويّة الرّسميّة لها وبدونه لا تستطيع الإستمرار ولا لدقيقةٍ واحدة
في حين أنَّهُ صدر مرسوم قبول إستقالة الحكومة، فإذاً حتماً يتوجّب على الحكومة أن يتوقّف عن ممارسة أي مهام دستوريّة أو إداريّة لأنّ هذا المرسوم يُسمّى في القانون الإداري بالقرار المعاكس الذّي يضع حداً لآثار قرار إداري سابق، وبصدور قرار قبول استقالة الحكومة تزول الصّفة الوزارية وتلتغي الحكومة القائمة من المنتظم القانوني، وتفقد قدرتها على التّقرير أو الإستمراريّة في الحكم
حيثُ أنَّهُ وسنداً للدّستور اللّبناني وتحديداً إلى الفقرة الخامسة من المادّة ٥٣، فإنّ المرجع الذّي يحق له قبول إستقالة الحكومة هو رئيس الجمهوريّة مُنفرداً
وعليه، لحظة صدور هذا المرسوم هي تعني أنَّ، ومن النّاحية الدّستوريّة، مرسوم قبول إستقالة الحكومة هو عمل قانوني مكتمل الأركان ومشروع ويكون من آثاره إزالة الحكومة القائمة وحرمانها من الحق بالاستمرار في تصريف الأعمال
وعليه، إفتقدت هذه الحكومة قوّتها القانونيّة والدّستوريّة كما وقدرتها على الإستمرار، وبالتّالي يتحمّل نجيب ميقاتي لامبالاته ولا مسؤوليّته في الفترةِ الماضية التّي كانَ من شأنها أن تلد حكومة جديدة، نائلة ثقة المجلس النّيابي ومتمتّعة بكامل قوّتها القانونيّة والدّستوريّة