على الرغم من الإنجازات التي بلغ عددها صفر في الوزارات والمناصب الحكومية التي استلمها وزراء القوات اللبنانية، والتي دارت في فلك الكيد والحقد السياسي ولعب دور “كلامهم شيء وافعالهم شيء آخر” أو “وجودهم متل عدمه” في وزاراتهم أو الفساد والإخفاقات في هذه الوزارة أو تلك مثل الصحة والشؤون الاجتماعية والتنمية، تمكّن حزب القوات اللبنانية من تحسين تمثيلهم الهشّ في السلطة التنفيذية عبر السنوات بدءًا من الطائف حتى اليوم، وذلك في عهد ميشال عون، حيث بلغ عدد وزرائهم في حكومة الحريري الأولى ثلاثة وزراء إضافةً إلى منصب نائب الرئيس، ليرتفع العدد الى أربعة في حكومته الثانية التي استقالت في أعقاب ثورة ١٧ تشرين، في حين أنها كانت محدودة بكل ما للكلمة من معنى في عهدَي ميشال سليمان واميل لحود متجسدةً بوزارتين أو واحدة فقط، وعندما ارتضى سمير جعجع أن يكون ذليلا ليستلم حقيبتين لوزير دولة في عهد الياس الهراوي بعد اتفاق الطائف وتواطأ مع أمرائه لسلب رئاسة الجمهورية صلاحياتها لصالح السلطة التنفيذية
في ذلك الوقت، كان ثمن توقيع جعجع على الطائف زهيداً، كونه كان ينصّب نفسه قائداً لحزب يعتزّ بمسيحيته وما يزال -وفقاً لادعاءاته-، لأن حقيبة وزير دولة لا تقدّم ولا تؤخر، و ربما لأنه فضّل أن ينال حصّته من العملة الخضراء ويبقى حاضراً في مجلس الوزراء كمتفرج أو مشارك “رفع عتب”، وشريك متواطئ في اتفاق الطائف، إلّا أن الثمن كان باهظاً جداً على عكس توقّعاته، حتى أن حساباته السياسية كانت خاطئة، لأن مشاركات القوات في ٦ حكومات منذ ١٩٩٠ الى ٢٠٠٩ بلغت ٨ وزراء، بينما كانت ٨ وزراء في عهد ميشال عون، ما يعني أن الأخير اعتبره شريكاً أساسياً في عهده، لكن وللأسف، ينطبق على جعجع المثل القائل “القط ما بيحب إلّا خنّاقه
بدت مشاركات جعجع ووزراءه في حكومات ما قبل ميشال عون، كجائزة ترضية لتوقيع جعجع على الطائف؛ قطعة حلوى أو لعبة لإلهاء الولد الشرير، كي يلعب الكبار لعبتهم ويرتاحوا من إزعاجه وشرّه، ليتّفقوا سوياً بعد فترة على إدخاله السجن بسبب أعماله الإجرامية وسجلّه الملطّخ بالدم، ويتعمّدوا إلغاء التمثيل المسيحي الحقيقي ويستبدلوه بأزلام الطائف المعروفة أسماؤهم حتى عام ٢٠٠٥، عند خروج السوري وعودة عون من فرنسا وخروج جعجع من السجن
ولأن “ذنب الكلب حطوه ٤٠ سنة بالقالب وضل اعوج”، لم يعترف رئيس حزب القوات بأخطائه أو يصحّحها حتّى اليوم، ولم يستطع أن يتحوّل فعلياً من رئيس ميليشيا إلى رئيس حزب يعمل من أجل بناء دولة مؤسسات وحقوق، وأكبر دليل على ذلك، وزراء قواتيون يشكلون عدداً يكملون النصاب فقط، ويسعون لأخد قطعة من كعكة المحاصصة والمحسوبيات لا أكثر ولا أقل
ما يزيد من الطينة بلّة، ان سنواته الأحد عشرة لم تطفئ من نار الحقد التي يختزنها في نفسه ضد عون، الذي سار بالمقابل على طريق فتح صفحة جديدة، ليفتح النار عليه ويسدّد له أسهم الإتهام بأنه سبب الانهيار الذي يعيشه البلد ويصوّب على جبران باسيل تحديداً، بينما يعتبر الذين اسقطونا في مستنقع الفساد والخراب، مثل بري والحريري وجنبلاط شركاء له في الوطن، ربما لأن الطيور على اشكالها تقع