عندما حذّر جبران باسيل من النّزوح الّسوري قبل سنوات وما سيترتّب على لبنان من تداعيات إجتماعية وإقتصادية وما سيتسبّب به من صدام بين النسيج اللّبناني والنّازحين، شُنّت عليه أقسى حملات التجنّي وتمّ تصنيفه بالعنصريّ وتعرّض للإغتيال السياسيّ والمعنويّ بسبب مواجهته للمنظمات الدولية التي تسعى لدمج النازحين في المجتمع اللبناني
#اللاج~ون_السوريون يبيعون المساعدات
يستضيف اليوم لبنان أكبر عدد من اللاجئين السّوريين حيث تُقدّرالحكومة وجود 1.5 مليون لاجئ سوري أي ثلث سكّان لبنان. ويُعتبرهذا العدد هائلاً بالنسبة لبلدٍ صغيرٍ كلبنان، بلدٍ يحاولُ بشتّى الوسائل المحافظة على توازناته الديموغرافية ويتخبّط في أزمة اقتصادية لم يسبق له أن مرّ بها. فالبنى التحتية اللبنانية تأثرت سلباً من جرّاء أزمة النّزوح، وتفاقمت ساعات التّقنين وازداد الضّغط على شبكات توزيع المياه والصّرف الصحّيّ وغيرها من البنى التّحتية التي لم تكن مجهّزة لإزديادٍ سكانيٍّ بهذا الحجم
اليوم بدأت أزمة النزوح بالأنفجار وكبر الإحتقان ليصل الى مستويات خطيرة وما مأساة حرق مخيم للنازحين في الضنية، في بيئة مصنّفة صديقة أو متساهلة مع النازحين، سوى الدّليل السّاطع على خطورة التّداعيات التي حذّر منها كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والنّائب جبران باسيل اللّذان حملا الملف لسنوات وحذّرا المجتمع الدولي من وطأته على لبنان ودعيا إلى إتخاذ الإجراءات المناسبة للعودة الآمنة والسريعة إلى سوريا
في هذا الوقت تسعى مفوضيّة اللاجئين إلى خلق ِشبكةِ أمانٍ متكاملةٍ وقويّةٍ للنازحين، فتمدّهم بالمساعداتِ الإنسانيةِ والخدماتِ وتحاولُ إدراجَهم في المجتمعِ اللبنانيِّ وفي مجالات العمل بالتنسيق مع الجمعيات المحليّة والمنظمات العالمية، كما تحاول إيجاد حلول قانونية لبقائهم في لبنان متذرّعةً بالوضع الإنساني لهؤلاء، عدا عن الأموال التي توزّع عليهم، فوِفقَ المعلومات يتقاضى هؤلاء مبالغَ كبيرةً، فيحصلون على بدل تدفئة مع بداية فصل الشتاء قيمته 900 ألف ليرة تقريباً، إضافة لبدل سكن تصل قيمته إلى 500 دولار أميركي شهرياً، ومع انطلاق التعليم عن بعد، يحصل النازحون أيضاً على 50 دولاراً بدل اشتراك انترنيت، بينما يعاني أكثر من نصف الشّعب اللّبناني من العجزِ والفقرِ والحالِ الإقتصادية المتدنية ممّا يُفسّر النّقمةَ الكبيرةَ في الشارع اللبناني. ونرى كيف تأثّر أيضاً سوق العمل بسبب إنخراط اليد العاملة السورية في مختلف المجالات، فبسبب وفرة اليد العالملة السورية أصبح الشباب اللبناني يعاني من تقلّص فرص العمل ويسعى للهجرة إلى بلدان أخرى يجد فيها فرصاً أكبرفي حين أنّ السوري يجد عملاً في أيّ وقتٍ يطلبه وذلك لتدنّي أجورهم
لكنّ ما يدهش اليوم هو ما يقوم به هؤلاء النّازحون بالمساعدات التي تقدّم لهم. فعند بداية كل شتاء تبدأ حملة مموّلة من الاتحاد الاوروبي للمساعدات الانسانية والمملكة المتحدة ودولة قطر والولايات المتحدة الاميركية، وبالتعاون مع الصليب الاحمر اللبناني يقومون بتسليم كل عائلة بحسب عدد أفرادها فرشا للمنامة وحرامات وبطانيات فماذا يفعل هؤلاء بالمساعدات؟! هنا يكمن السؤال. لكن جوابه يصبح واضحاً عندما نرى اليوم الكثيرين من السوريين في الطرقات يبيعون الحرامات والبطانيات بينما أولادهم ينامون في العراء والبرد. وماذا عن السوريين الذين عادوا منذ أشهر إلى سوريا من دون تسجيل أسمائهم فاستفاد أقرباؤهم من بطاقة الأغذية الشهرية بعد دخولهم لبنان بطرق غير شرعية، وحصلوا على المساعدات وباعوها وعادوا عبر ممرات غير شرعية ومن دون علم القوى الامنية؟
أين الإعلام من كلّ هذا؟! وأين مفوضيّة اللاجئين وغيرها من المنظمات الذين لا يراقبونهم؟! وأين وزارة الشؤون اللإجتماعية ووزارة الداخلية من بيع مساعداتهم في الطرقات وضرب أسعار السوق المحلّية؟! هل المطلوب فعلاً أن يصبح النازحون مواطنين، بينما المواطن اللبناني يسعى للهجرة بحثاً عن لقمة عيشه وهرباً من بلدٍ لم يستطع أن يحفظ كرامته أو فرص عمله؟
لقد أصبح النزوح بأعداده الهائلة خطراً على الكيان اللبناني وهو اليوم قضية وجود لا يمكن التغاضي عنها خشيةً من غضبٍ أُمَميٍّ. فالضرر أكبر من أن يتحمله المجتمع اللبناني. ولا بدّ للدولة أن تعي خطورته وتتصرّف بحزمٍ. فإمّا تخسر النازحين وتُغضِبُ الغرب “الغير راضٍٍ أصلاً” وإمّا تخسر أبناء لبنان الذين يهاجرون عند أول فرصةٍ