بعد أن فشلت قناة الجديد في إيجاد “قصقوصة” ورق واحدة تدين بها وزراء التيار الوطني الحرّ وتلبسهم، بعيداً عن أيّة مصداقيّة، أيّ ملفِّ فسادٍ، وبعدما شهدنا ما يُعيب من تدنّي مستوى مقدّماتها الإخبارية الرّخيصة التي أصبحت تستهدف بالشّخصي رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل بغياب أيّ مضمونٍ يمكن التّصويب به عليهما، حاولت المحطة والقيّمين عليها نبشَ “رسالة نموذج” كانت وقّعتها الوزيرة بستاني ويوقّعها عادةً وزراء الطاقة لاستيراد الفيول وذلك لتفادي التّسبب في العتمة وتوقّف معامل الكهرباء. ربطت الجديد الرسالة المذكورة بقضيّة الفيول المغشوش، ولو أرادت البحث قليلاً وإظهار الحقيقة وبعضاً من المصداقية بدل تضليل الرأي العام، لكانت أخبرت في تقريرها أن هذه الرسالة النموذج وقّعها جميع وزراء الطاقة منذ ٢٠٠٥ ودون استثناء
موضوع الرسالة الموقّعة من الوزيرة السابقة ندى بستاني والتي أبرزتها الجديد أمس في تقريرها، هو عبارة عن رسالة نموذج موجّهة الى مصرف لبنان لفتح اعتماد لصالح شركة كهرباء لبنان لشراء الفيول، وهي رسالة قبول للمستندات وليس قبول البضاعة
هذا النموذج معتمدٌ عادةً من المصارف كافّة في التعامل التجاري الذي يقتضي فتح الإعتمادات، بحيث أنه عند ورود المستندات الى المصرف لقبض ثمن البضاعة، تكون البضاعة قد وصلت وفُرِّغت بحسب شروط العقد، وبما أنّه في بعض الأحيان ترد بعض الأخطاء في مستندات التحميل والشحن، وهي أخطاء صغيرة كإسم الشاحن أو البضاعة أو الجهة صاحبة الحق، لذلك تطلب المصارف هذا النموذج لتجاوز هذه الأخطاء، خاصة وأن البضاعة أصبحت عند الشاري وذلك لتمكّنها من تحرير الأموال للبائع
هذه هي الحال بالنسبة لوزارة الطاقة، فإنّ مصرف لبنان يطلب هذا التفويض الذي ترسله وزارة المالية، بكونها وزارة الوصاية على وزارة الطاقة، وهي التي تتحقق من المستندات ويوقعها وزير المالية ويحيلها الى مصرف لبنان
والمستند لا يلزم الدولة اللبنانية ممثلةً بوزارة الطاقة بدفع أية مبالغ في حال تبيّن عدم مطابقة الشحنة للمواصفات، وهذا ما حصل فعلاً في ملف الباخرة بالتيك حين طلب وزير الطاقة ايقاف عملية فتح الاعتماد بعد صدور نتيجة الفحوصات المخبرية التي بيّنت عدم صلاحية شحنة الفيول
والجدير بالذكر أن الوزيرة السابقة ندى بستاني هي التي طلبت من شركة كهرباء لبنان تقريراً عن نوعية الفيول وهي التي قدّمت إخباراً عندما ثَبُت التلاعب بنوعية الفيول، وهنا كان بإمكانها لفلفة الموضوع وتقديم طلب بإستبدال الشحنة. فلو كانت ندى بستاني فعلاً متورّطة بالملفّ كما تدّعي الجديد، فلا مصلحة لندى بستاني بإثارته كما فعلت أمام الرأي العام
وبما أن الجديد ربطت الموضوع بعقد سونطراك، نعيدها بالذاكرة الى تقريرٍ استقصائي ٍ أعدّته منذ شهور، يكشف بالتفاصيل سعي جميع وزراء التيّار الذين تعاقبوا على وزارة الطاقة، ومنذ توليهم الوزراة إلى إنهاء أو تعديل شروط عقد سونطراك وقد رفض الأفرقاء في مجلس الوزراء البحث في أي عقدٍ جديدٍ لعدم تعكير العلاقات مع دولة الجزائر حسب ادّعائهم
وكذلك نعيد تذكير الجديد أيضاً بتقريرٍ آخرٍ أعدّوه عن الجهات السياسية الشريكة بالإسم في شركات النفط مع آل البساتنة الذين كانوا الوسطاء لشركة سونطراك لسنوات. فهؤلاء يشكلون جزأً اساسياً من كارتيل الفيول الذي يتحدّث عنه الجميع وكانوا من أبرز المعترضين على إعادة النظر في عقد سونطراك في مجلس الوزراء
فهل تتجرّأ الجديد على مواجهة هؤلاء؟
بالطبع لا، فقناة تحسين خيّاط المتورّطة في ملفات فساد كبرى وإختلاسات في العراق ولبنان وكل انحاء العالم العربي لن تواجه الكارتيلات سوى من باب الابتزاز للإستحصال على مكاسب مالية ثمن سكوتها عن ارتكاباتهم
معركة ملفات الفساد فُتحت على مصرعيها والمتورطين فيها من ميليشيات الحرب الأهلية لن يتردّدوا في استعمال شتى وسائل التحريف والتحريض وصولاً الى التهديد بالفتنة لمنع استكمال الملفات وكشف الحقائق للرأي العام