مرّة أخرى عادت ظاهرة السلاح في المناسبات السعيدة والحزينة ولكن هذه المرة واضحة أكثر بين أيادي الميليشياويين الذين في تعبيرهم عن حزنهم وفجعهم على الضحايا من مناصريهم أراقوا دماءً أخرى لا ذنب لها إلا صدفة مرورها قرب منطقة فيها مأتم.
لقد توضّحت لنا خلال الأيام الأخيرة رغم المآسي والحزن أن السلاح بين الأيادي دون رقيب أو حسيب دون قانون أو قضاء دون إحصاء أو تراخيص. رصاص طائش يسرق حياة أطفالٍ وشبابٍ وعجّز دون أن تزرف أية دمعة حزن أو ندم.. ميليشياتٌ تختبئ خلف حزنها لتُظهر وقت الفاجعة حقداً وسلاحاً مخبّأً. سلاحٌ ملأ المآتم خوفاً ورعباً. سلاحٌ أظهرهم على حقيقتهم الميليشياوية. فهل بقتل غيركم تبلسمون جراحكم؟
لقد شكّل منذ بضعة أيامٍ مأتم الشهيد القوّاتي جو بو صعب في عين الرّمانة مأساة ليست فقط على أهله وأصدقائه بل على الرياضيّ الماهر محمد عطوي وعائلته وأصدقائه أيضاً حين أصابت الشاب العشرينيّ رصاصة طائشة من مجرم طائش قد أرسلها من عين الرّمانة نحو دوّار الكولا.
وبدل من أن تستنكر الدائرة الاعلامية لحزب القوات اللبنانية ظاهرة السلاح المتفلّت بين شباب حزبها وتحت راياتها في المأتم، راحت تدعو الى التحقيق بالفاجعة المتسّببة لمعرفة جهة ونوع الرصاصة وتحديد المسؤوليات.
والابرز أيضاً تغاضي الإعلام عن كشف الحقائق المتصلة بموضوع السلاح لا سيما وقد إكتُشِف في شقّة أحد النواب بالاشرفية مخزن للصواريخ والأسلحة الثقيلة الكفيلة بتدمير منطقة بأكملها. وفي ظلّ التعتيم الاعلامي على الموضوع، يكثر استعمال السلاح في الشوارع وبين شباب الاحزاب الميليشياوية السابقة.
فتحت الميليشيات صناديقها القديمة، نفضت الغبار عن اسلحتها وفتحت معها قبوراً لضحايا جديدة. ويبقى السؤال الابرز، الى أي حدّ يصل تسليح هذا الحزب الميليشيوي ؟
هذا الحزب الذي على لسان رئيسه وببرقية سريّة لواشنطن اعترف أن لديه ١٠.٠٠٠ عنصر مستعدّون لحمل السلاح وتوجيهه ضد حزب الله.
هذا الحزب الذي يربّي أطفاله وشبابه على الحقد والغدر ورفع السلاح حتى في وجه أبناء بلاده.. فكيف نتعجّب ونسأل وهو من جهر سلاحه ضد الجيش اللبناني في آخر الثمانينات وهو من واجه الأخ بأخيه. يخبؤون أسلحتهم وينتظرون ساعة الصفر.
إنّهم الشجعان الجبناء.. نعم من يعتقدون أنّهم شجعان وما هم إلا بجبناء..