صراعٌ ممتدٌّ من ال 2010 وحتى أمس القريب، يعتبره البعض هدفاً دسماً للتيار الوطني الحر، بينما يعتبره التيار الوطني الحر، بمن فيهم الرئيس والوزراء المتعاقبين على وزارة الطاقة، هدفاً وحقاً لجميع اللبنانيين.
يشتدّ الصراع بين الآونة والأخرى وتدخل الأحزاب تارةً على خط السجال البزنطي متسلّحةً بملفاتٍ هشّة للتصويب بها على وزراء التيار، وتارةً أخرى متباهيةً بتعطيل كل الخطط التي وُضِعت لكي تصل بنا إلى بلد ينعم مواطنوه بأقل حقوقهم: الكهرباء.
نعم “إن الطريق إلى كهرباء 24 على 24 لا يمر إلا عبر معمل سلعاتا” هذا ما قاله وزير الطاقة ريمون غجر. الخطة التي أقرها مجلس الوزراء في عام 2010 وعدّلها في عام 2019 تتضمن معمل سلعاتا الذي يفترض إنجازه بالتزامن مع معملَي دير عمار 2 والزهراني وذلك لتأمين الكهرباء 24/24.
ليس وزراء التيار الوطني الحر هم من اعتبروا أن معمل سلعاتا ومحطة الغاز هناك هما حصة «المسيحي»، مقابل حصّتي «الشيعي» (الزهراني) و «السنّي» (دير عمار) إنما الذين يحاربونهم وذلك لتضليل الرأي العام بإسقاط جميع الإعتبارات العلمية والتقنية للخطّة، وهذا ما كان واضحاً في كلام النائب أنطوان حبشي الذي سلّط بكلامه الأخير سهامه على هذا الموضوع:

وطبعاً لا يعير رئيس التيار الوطني الحر ولا وزراؤه أهميّة لكلامٍ شعبويّ كهذا إنما يقوم بإبراز مستندات تدحض أكاذيب نواب القوات اللبنانية وباقي الأحزاب.
يوم الأثنين الفائت طالعنا النائب حبشي بمؤتمر صحفي اقلّ ما يقال عنه بعيدٌ عن التقنية والعلم والواقع، شعبويٌّ طائفيّ. وبقراءةٍ سريعةٍ لما ورد فيه بالنسبة لي كشخص عاديّ ولم أدخل يوماً في أصغر تفاصيل الموضوع تبيّن لي بعض المغالطات التي تلفّظ بها معتقداً أن شعبويّته هذه ستزيد إذا ما أخذ الموضوع إلى المنحى الديني عوضا عن أخذه إلى المنحى التقني. ,وأسرد لكم هنا باختصار بعضاً منها:

لقد بدى لنا أن حبشي يجهل جهلاً تاماً بالتقنيات فالتبس عليه مصطلح FIC و IFC مدّعياً بأن دفتر الشروط وضع خارج المعايير الدولية والتمويل الخارجي بينما الخطة وضعت بالتنيسق التام مع البنك الدولي

لقد تكلم النائب انطوان حبشي ايضاً عن شركة Fichtner مدعياً انهم غير مخولين لإجراء دراسات لتحديد موقع المعمل وأن البنك الدولي حرمهم من المنافسة عامي ٢٠١٨ و ٢٠١٩ كما انّه لم يكتف بذلك بل اتهمهم بالفساد وهذا ليس من شأننا أن ندافع عن الشركة فهي تستطيع ان تدحض جميع هذه الاتهامات بنفسها أو عبر السفير في لبنان. ولكننا نكتفي بالقول أن شركة فيتشنر متخصصة عالمياً في تقديم الاستشارات في مجال محطات الطاقة وحسن استثمارها. فكان الأجدى بالنائب أنطوان حبشي الإنتباه إلى أخطائه الإملائية قبل اتهامه الآخرين بالفساد.

الادعاء ان كل الافرقاء في الحكومة السابقة صوتوا ضد المواقع الثلاثة بينما الجميع بما فيهم وزراء القوات وافقوا على الخطة مع المواقع الثلات و اعتراضهم اليوم يدخل كالعادة ضمن الكيدية السياسية

لقد اوحى حبشي للسامعين بعدم وجود خطة ولا ملاحق تابعة لها على موقع وزارة الطاقة بما يتناقض مع الشفافية بينما ابرزت الوزيرة البستاني بوضوح وجود الخطة و كل المستندات ضمن خانة الاستراتجيات على موقع الوزارة

لقد ادعى حبشي في مؤتمره أن دراسة Poten & partners و Mott Macdonald لمعامل الطاقة على الساحل اللبناني كلّفت ٦ مليون دولار. وتظهر هنا مشكلة القوات المزمنة مع الأرقم فالكلفة الحقيقية حسب الوثائق هي ٦٠٠ الف دولار ممولة من الصندوق الكويتي

ونلفت هنا أن حبشي تعمدّ اجتزاء مستند عن كلفة العقود للمساعدة التقنية بين ٢٠١٥ و ٢٠١٦ و نسبها لدراسة MottMacdonald.

إن تضليل حبشي لم يقف عند هذا الحد فتطرّق إلى موضوع العقارات القديمة حيث وصفها أنها مترابطة فيما بينها والانتقال إلى أرض جديدة غير مبرر؛ بينما دراسة MottMacdonald تبرز بوضوح عدم ترابط الاراضي بالاضافة الى مشاكل عديدة تعترضها أهمها:
إن الكثير من الاراضي لا تملكها شركة كهرباء لبنان.
هناك دعاوى قضائية بين أصحاب الأراضي في الموقع القديم وشركة كهرباء لبنان.
بعض الأراضي مصنّفة أثريّة.
شركة كهرباء لبنان لا تملك أراضي بالقسم الشمالي من الموقع بل الاراضي ملك للكنيسة.
اضافة إلى كل ذلك إن موقع حنّوش أصبح سياحياً والاستملاك فيه أكثر كلفة بينما الكثير من المساحات في الموقع الجديد هي أملاك بحرية للدولة ولا يوجد كلفة لاستملاكها

ففي النهاية وبعد هذه المقارنة نقول إذا كان حبشي يضلّل الرأي العام عن جهل فتلك مصيبة و اذا كان يضلل عن كيدية و سبق إصرار وتصميم وهذا ما هو واضح فالمصيبة اكبر بكثير.