رغم ان العلاقة لم تكن “سوية” بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير جبران باسيل خلال حكومة الرئيس سعد الحريري وكان الخلاف يدب بينهما على كل شاردة وواردة، الا ان بعد إستقالة الحريري وتكليف حسان دياب للحكومة الجديدة تبدلت الاحوال وصار يحكى عن “صفقات” سياسية واسترضاء من باسيل لبري بعد إزاحته الحريري من دربه! وجديد هذه “الصفقات” ما اعلنته جريدة “الاخبار” في عددها امس والذي استدعى رداً من “خلف” باسيل في وزارة الخارجية والمغتربين ناصيف حتي. وقالت “الاخبار”: في زمن التقشّف، تقرّر تكليف السفيرة فرح برّي بـ«مهمة دبلوماسية» في قطر، لتحلّ مكان السفير حسن نجم، الذي طلب العودة إلى الإدارة المركزية. هذه المَهمة ستُرتب تكاليف تصل إلى قرابة الـ30 ألف دولار شهرياً، بما يفوق كلفة تعيين سفير أصيل في الدوحة
الخطوة طرحت علامات استفهام عدّة، خاصة في وجود سفارات أخرى لا يُديرها سفير، وتُمثّل أولوية أكبر من قطرحزمت السفيرة فرح نبيه برّي حقائبها، لتنطلق اليوم إلى قطر. المديرة السابقة لمديرية الشؤون الاغترابية، ستحلّ مكان سفير لبنان السابق لدى قطر، حسن نجم، الذي طلب إنهاء ولايته في الدوحة، واستكمال باقي سنوات خدمته في الإدارة المركزية «لأسباب عائلية»، كما تقول مصادر دبلوماسية. وتحدّثت معلومات عن أنّ نجم سيخلف منصب برّي في مديرية الشؤون الاغترابية، الذي شغلته منذ عام 2017، بعد انتهاء مهمتها كقائمة بأعمال سفارة لبنان في دمشق
من دمشق الى قطر! وستذهب برّي إلى قطر بموجب «مهمة دبلوماسية»، كلّفها بها الوزير السابق جبران باسيل خلال مرحلة تصريف أعمال حكومة سعد الحريري، ولم يتمّ تعيينها كرئيسة أصيلة للبعثة، لأنّ تعيين السفراء يجري بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء. الخبر بإطاره العام «عادي»، ويُمكن إدراجه في خانة «الإجراءات الروتينية» لتأمين استمرارية المؤسسة، رغم «الهمسات» عن أنّه «اتفاق سياسي» بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس التيار الوطني الحرّ، بعد أن عبّرت السفيرة برّي، فور خلّو المركز، عن رغبتها في الانتقال إلى قطر
قرار سياسي ولا اعتراف صريحاً في دوائر «الخارجية» أنّ قرار التكليف سياسي بالدرجة الأولى، بل هو «أقرب إلى إرسال سفير ينتمي إلى حركة أمل مكان سفير محسوب على الجهة السياسية نفسها». فالتشكيلات الدبلوماسية، لا تشذّ عن منطق المحاصصة الطائفية والسياسية، التي تحكم جميع التعيينات في الدولة اللبنانية، بصرف النظر إذا كان الشخص المُختار لأحد المناصب مُستحقاً. رغم التبريرات الرسمية، تشخص الأنظار إلى القرار بشكل استثنائي لسببين: الأول، أنّ سنوات خدمة حسن نجم أُقفلت على اكتشاف ملف اختلاس في السفارة لحوالى مليوني دولار، اتُّهم بها موظف يعمل بصفة محاسب (أحيل الملف إلى النيابة العامة المالية في بيروت). أما السبب الثاني، فهو أنّ مهمة برّي الجديدة في الدوحة لا تخلو من الجدل على غرار عدد من محطاتها في وزارة الخارجية والمغتربين. فبرغم الخلاف السياسي الظاهر بين حركة أمل وباسيل، والذي نتجت عنه عرقلة العديد من التعيينات والمراسيم المُتعلقة بـ«الخارجية» في وزارة المالية، لطالما حظيت ابنة رئيس مجلس النواب بـ«معاملة السيّدة» في قصر بسترس. أبرز الملاحظات عليها، والتي يتناقلها زملاؤها، هي عدم التزامها الحضور إلى مكان عملها، «حتى حين كانت قائمة بالأعمال في دمشق، لم تكن تتواجد هناك بشكل دائم». آخر الامتيازات، تلبية طلب تكليفها بمهمة دبلوماسية في الدوحة، «تمهيداً لتعيينها سفيرة أصيلة هناك». ولكنّ المعنيين في «الخارجية» يجدون التبرير «الشرعي» لتكليف برّي بالمهمة الدبلوماسية، فيقولون إنّ البعثة في الدوحة «مهمة ويجب أن يكون فيها سفير، إلى حين نيل الحكومة الثقة وصدور تشكيلات جديدة، خاصة أنّه بعد مغادرة نجم ستبقى السفارة في عهدة دبلوماسي من الفئة الثالثة، لا يملك الخبرة الكافية». المفارقة، أنّ بعثات لبنانية أخرى تُدار من قبل دبلوماسيين من الفئة الثالثة، كالكويت وساحل العاج، لم تُكلّف «الخارجية» نفسها ملء الفراغ فيها. علماً أنّ «سفارة كالتي في ساحل العاج حيث الجالية اللبنانية كبيرة، تُمثّل أولوية أهمّ بكثير من قطر، وكان بالإمكان الانتظار أسبوعاً لتنال الحكومة الثقة ويتمّ العمل على تشكيلات دبلوماسية رسمية»، تقول مصادر دبلوماسية. وتشرح بأنّه جرى صرف النظر سابقاً «عن تكليف سفير بمهمة دبلوماسية في ساحل العاج، نظراً إلى الأوضاع الاقتصادية وحالة التقشّف في الدولة، وليس لكي تُقَدَّم مهمة دبلوماسية لفرح برّي، ستُرتب أتعاباً إضافية على الخزينة العامة»
ما الذي يعنيه ذلك؟ «سيترتب على المهمة تكاليف ومستلزمات، أوّلها راتب شهري يبلغ حوالى 20 ألف دولار، وتكاليف المعيشة (بند التمثيل، مصروف المنزل، المساعدين المنزليين، السائق، تلفون وكهرباء) التي قد تصل إلى حوالى عشرة آلاف دولار». تردّ «الخارجية» بأنّه لن تكون هناك تكاليف إضافية على الخزينة في حالة فرح برّي، «لأنّ حسن نجم سيعود إلى الإدارة وينخفض راتبه (يبلغ راتب الدبلوماسي في الخارج ما بين 270٪ و310٪ من الراتب في الإدارة المركزية). كما أنّ برّي، وكونها في مهمة، ستحصل على راتبها بالليرة اللبنانية وليس بالدولار كما في حالة السفير المُعتمد». تُصوّب المصادر الدبلوماسية هذه النقطة الأخيرة، بأنّ «الراتب يُحوّل من الإدارة بالليرة صح، ولكن المصرف يُحوّله إلى الخارج بالدولار. لذلك هذه المقارنة ساقطة». ماذا لو تمّ نقل أحد السفراء المعتمدين في الخارج بمهمة دبلوماسية إلى قطر؟ «كان سيكون هذا الخيار أوفر على الخزينة، لأنّ قرار تكليفه يُرفق بعبارة أنّه يُحافظ على الراتب نفسه الذي يتقاضاه في البلد حيث يخدم». انتقال فرح برّي بمهمة دبلوماسية، ولو أنّه «الأبرز»، إلا أنّه ليس الوحيد. فقبل مغادرته، وقّع باسيل قرار استدعاء سفيرة لبنان لدى سيراليون، بريجيتا عجيل، إلى الإدارة المركزية. الشكاوى العدّة التي تلقّتها وزارة الخارجية من الجالية اللبنانية في سيراليون، «تحديداً سوء معاملة عجيل لهم، ووجود ملاحظات حول الإدارة التي انتهجتها»، أدّت إلى اتخاذ القرار. وقد تقرّر إرسال سفير لبنان لدى اليمن (المتواجد في لبنان) هادي جابر. وفي هذا الإطار، تقول مصادر «الخارجية» إنّه أُعدّت «لائحة أولية بالسفراء الذين سيتم استدعاؤهم إلى الإدارة المركزية، بعد أن بات استمرارهم في مراكز عملهم يؤثّر سلباً على حسن سير المرفق العام. وستُستكمل الإجراءات فور حصول الحكومة على الثقة، واطّلاع الوزير ناصيف حتّي على الملفات»
“خارجية حتي” ترد! واصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بيانا أوضحت فيه “المغالطات التي تضمنها مقال نشر في جريدة الأخبار في عددها الصادر يوم السبت في 8 شباط 2020، حيث اعتبرت تكليف السفيرة فرح بري بمهام القائم بالأعمال بالوكالة في سفارة لبنان في قطر، على أنه صفقة سياسية بين الوزير السابق جبران باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري على حساب الخزينة. يهم الوزارة ان توضح للرأي العام أن “التكليف حصل بعد كشف عملية اختلاس وسرقة للمال العام في السفارة اللبنانية في قطر، وتم استدعاء سفير لبنان في قطر حتى انتهاء التحقيق وتحديد المسؤولين عن هذا الجرم، وحيث أن السفيرة بري تخدم في الإدارة المركزية تم اختيارها لترؤس البعثة في قطر بإنتظار جلاء الحقيقة وإجراء المناقلات الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة، كما أن تعيينها هناك لا يرتب أعباء اضافية على الخزينة بل يحقق وفرا، حيث إن البدل اليومي الذي سوف تتقاضاه عن مهمتها أقل من المعاش الشهري للسفير هناك. من المؤسف تضليل الرأي العام بالحديث عن صفقات على حساب الإدارة، بدلا من التركيز على عملية مكافحة سرقة المال العام، وما قامت به الوزارة على هذا الصعيد، من إحالة الملف الى القضاء المختص وبدء إجراءات محاكمة المتهمين بهذه القضية”